السنة له بعد موته فمات في ربيع الأول وكان نزول القرآن في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر فأتى بغاية أسماء العدد البسيط الذي لا اسم بعده بسيط إلا ما يتركب كما كان القرآن آخر كتاب أنزل من الله كما كان من أنزل عليه آخر الرسل وخاتمهم ثم أضاف ذلك الاسم الذي هو ألف إلى شهر بالتنكير فيدخل الفصول فيه والشهر العربي قدر قطع منازل درجات الفلك كله لسير القمر الذي به يظهر الشهر فلو قال أزيد من ذلك لكرر ولا تكرار في الوجود بل هو خلق جديد ولو نقص بذكر الأيام أو الجمع لما استوفى قطع درجات الفلك فلم تكن تعم رسالته ولم يكن القرآن يعم جميع الكتب قبله لأنه ما ثم سير لكوكب يقطع الدرجات كلها في أصغر دورة إلا القمر الذي له الشهر العربي فلذلك نزل في ليلة هي خير من ألف شهر أي أفضل من ألف شهر والأفضل زيادة والزيادة عينها وجعل الأفضلية في القدر وهي المنزلة التي عند الله لذلك المذكور وكانت تلك الليلة المنزل فيها التي هي ليلة القدر موافقة ليلة النصف من شعبان فإنها ليلة تدور في السنة كلها وأما نحن فإنا رأيناها تدور في السنة وأنا رأيناها أيضا في شعبان ورأيناها في رمضان في كل وتر من شهر رمضان وفي ليلة الثامن عشر من شهر رمضان على حسب صيامنا في تلك السنة فأي ليلة شاء الله أن يجعلها محلا من ليالي السنة للقدر الذي به تسمى ليلة القدر جعل ذلك فإن كان ذلك من ليالي السنة ليلة لها خصوص فضل على غيرها من ليالي السنة كليلة الجمعة وليلة عرفة وليلة النصف من شعبان وغير تلك من الليالي المعروفة فينضاف خير تلك الليلة إلى فضل القدر فتكون ليلة القدر تفضل ليلة القدر في السنة التي لا ينضاف إليها فضل غيرها فاعلم ذلك ومن هذا المنزل نزل الروح الأمين على قلب محمد ص بسورتين سورة القدر وسورة الدخان وهما مختلفان في الحكم فسورة القدر تجمع ما تفرقة سورة الدخان وسورة الدخان تفرق ما تجمعه سورة القدر فمن لا علم له بما شاهده يتخيل أن السورتين متقابلتان ولم يتفطن للمنزل الواحد الذي جمعهما ولم يتفطن لنشأته التي قامت من جمعها للمتقابلات الطبيعية وصاحب الكشف الصحيح إذا دخل هذا المنزل وكان له قلب وهو شهيد رأى أن سورة القدر لا تقابل بينها وبين سورة الدخان فإن سورة القدر تجمع ما تعطيه سورة الدخان لتفرقه على المراتب فتأخذه سورة الدخان فتفرقه على المراتب لأنها علمت من سورة القدر أنها ما جمعت ذلك وأعطته إياها إلا لتفرقه فسورة القدر كالجابية لسورة الدخان هكذا هو الأمر وهما سورتان لهما عينان ولسانان وشفتان تعرفان وتشهدان لمن دخل هذا المنزل بأنه من أهل المقام المحمود وإنه وارث مكمل ويتضمن هذا المنزل علم المطابقة والمناسبة والمراقبة وعلم التلويح والرمز وعلم النفوذ في الأمور من غير مشقة لأن النفوذ في الأمور بطريق الفكر من أعظم المشقات وعلم الإبانة والكشف وعلم النشآت الطبيعية هل حكمها حكم النشآت العنصرية أم لا وعلم الفرق بين الأنوار والظلم ولما ذا يرجع النور والظلمة وهما حجابان بين الله وعباده وما يلي العباد من هذه الحجب وما يلي الحق منها وهل ترفع لأحد أو لا تزال مسدلة وهل تعطي هذه الحجب تحديد المحجوب أم لا فإن أعطت التحديد للمحجوب فبأي نشأة تقيده وتحده هل بنشأة عنصرية أو طبيعية وإن لم تقيده فيما ذا تلحقه هل بما لا يقبل التحيز من العالم فلا يتصف بالدخول في الأجسام ولا بالخروج منها أو تقضي عليه بحكم يخصه خارج عن حكم ما لا يتحيز فلا يقبل المكان ولا الحلول وعلم الرحمة التي يتضمنها الإنذار ممن كان وعلم الأذواق وعلم ما يشقى من الأسماء مما يسعد وعلم تعلم اليقين وعلم التنزيه في الربوبية وهو صعب التصور وعلم مرتبة العلم من مرتبة الشك خاصة وما تعطي كل مرتبة منهما لمن حل فيها ونزل بها وعلم العذاب أهو من علم الآلام أو هو من علم اللذات وعلم عدم قبول التوبة عند حلول البأس وقبولها من قوم يونس خاصة وعلم نفوذ قضاء السوابق هل تنفذ بالشر على من هو على بصيرة أو هل هو مختص بالمحجوبين وعلم طبقات العذاب وعلم الابتلاء وطبقاته وعلم النصائح وعلم أهل العناية عند الله مع شمول الرحمة للجميع وقد ابتلوا أهل العناية في الدنيا بما به ابتلي من ليس منهم في الآخرة ولما ذا ترجع عناية الله بأهله مع الابتلاء والبلاء هل لاقتضاء الدارين أو لاقتضاء سابق العلم وعلم وجود الحق بوجوهه في كل فرد فرد من العالم كله وعلم توقيت الجمع الأخير من الجموع الثلاثة وعلم الاستثناء لماذا يرجع وعلم أين يذهب الجهل والظن والشك والعلم بأصحابهم وعلم تقدم الموت على الحياة ومعلوم أن
(١٥٩)