هيهات أنت مقيد بخلافة * أين السراح وباب كونك يفتح والقلب خلف مغالق مجبولة * ضاعت مفاتحها فليست تفتح لا تفرحن بشرح صدرك إنه * شرح لتعلم إن قيدك أرجح اعلم أيدك الله أيها الولي الحميم أن الناس تكلموا في الشريعة والحقيقة قال الله تعالى لنبيه ص آمرا وقل رب زدني علما يريد من العلم به من حيث ما له تعالى من الوجوه في كل مخلوق ومبدع وهو علم الحقيقة فما طلب الزيادة من علم الشريعة بل كان يقول اتركوني ما تركتكم وعلم الشريعة علم محجة وطريق لا بد له من سالك والسلوك تعب فكان يريد التقليل من ذلك وغاية طريق الشريعة السعادة الحسية وليست الحقيقة غايتها في العموم فإن من الناس من ينال الحقيقة في أول قدم يضعه في طريق الشريعة لأن وجه الحق في كل قدم وما كل أحد يكشف له وجه الحق في كل قدم والشريعة المحكوم بها في المكلفين والحقيقة الحكم بذلك المحكوم به والشريعة تنقطع والحقيقة لها الدوام فإنها باقية بالبقاء الإلهي والشريعة باقية بالإبقاء الإلهي والإبقاء يرتفع والبقاء لا يرتفع فهذا المنزل يعطيك شرف الإنسان على جميع من في السماء الأرض وإنه العين المقصودة للحق من الموجودات لأنه الذي اتخذه الله مجلي وأعني به الإنسان الكامل لأنه ما كمل إلا بصورة الحق كما إن المرآة وإن كانت تامة الخلق فلا تكمل إلا بتجلي صورة الناظر فتلك مرتبتها والمرتبة هي الغاية كما إن الألوهة تامة بالأسماء التي تطلبها من المألوهين فهي لا ينقصها شئ وكمالها أعني الرتبة التي تستحقها الغني عن العالمين فكان له الكمال المطلق بالغنى عن العالمين ولما شاء أن يعطي كما له حقه ولم يزل كذلك وخلق العالم للتسبيح بحمده سبحانه لا لأمر آخر والتسبيح لله ولا يكون المسبح في حالة الشهود لأنه فناء عن الشهود والعالم لا يفتر عن التسبيح طرفة عين لأن تسبيحه ذاتي كالنفس للمتنفس فدل إن العالم لا يزال محجوبا وطلبهم بذلك التسبيح المشاهدة فخلق سبحانه الإنسان الكامل على صورته وعرف الملائكة بمرتبته وأخبرهم بأنه الخليفة في العالم وأن مسكنه الأرض وجعلها له دارا لأنه منها خلقه وشغل الملأ الأعلى به سماء وأرضا فسخر له من في السماوات ومن في الأرض جميعا منه أي من أجله واحتجب الحق إذ لا حكم للنائب بظهور من استخلفه فاحتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار فقال رسول الله ص يخاطب الناس الذين يشبهون الإنسان في الصورة الحسية وهم نازلون عن رتبة الكمال إن الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الأبصار وإن الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم فكما لا تدركه الأبصار كذلك لا تدركه البصائر وهي العقول لا تدركه بأفكارها فتعجز عن الوصول إلى مطلوبها والظفر به وعلم آدم الأسماء كلها وأمره بتعليم الملأ الأعلى وأمر من في السماوات والأرض بالنظر فيما يستحقه هذا النائب فسخر له جميع من في السماوات والأرض حتى المقول عليه الإنسان من حيث تماميته لا من حيث كماليته فهذا النوع المشارك له في الاسم إذا لم يكمل هو من جملة المسخرين لمن كمل والحق في كماله بالغنى عن العالمين وهو وحده أعني الإنسان الكامل يعبد ربه الغني عنه فكماله إن لا يستغني عنه وما ثم من يعبده من غير تسبيح إلا الكامل فإن التجلي له دائم فحكم الشهود له لازم فهو أكمل الموجودات معرفة بالله وأدومهم شهودا وله إلى الحق نظران ولهذا جعل له عينين فينظر بالعين الواحدة إليه من كونه غنيا عن العالمين فلا يراه في شئ ولا في نفسه وينظر إليه بالعين الأخرى من اسمه الرحمن بكونه يطلب العالم ويطلبه العالم فيراه ساري الوجود في كل شئ فيفتقر بهذه النظرة من هذه العين إلى كل شئ من حيث ما هي الأشياء أسماء الحق لا من حيث أعيانها فلا أفقر من الإنسان الكامل إلى العالم لأنه يشهده مسخرا له فعلم أنه لولا ما هو عليه من الحاجة إلى ما سخروا فيه من أجله ما سخروا فيعرف نفسه أنه أحوج إلى العالم من العالم إليه فقام له هذا الفقر العام مقام الغني الإلهي العام فنزل في العالم في الفقر منزلة الحق من حيث الأسماء الإلهية التي تطلب التأثير في العالم فما ظهر في فقره إلا ظهور أسماء الحق فهو حق في غناه عن العالم لأن العالم مسخر في حقه بتأثير الأسماء الإلهية فيه أعني في العالم فما يسخر له إلا من له التأثير لا من حيث عين العالم فلم يفتقر إلا لله وهو حق في فقره إلى العالم فإنه لما علم إن الله ما سخر العالم لهذا الإنسان إلا ليشتغل العالم بما كلفهم من التسخير عن طلب العلم به من حيث الشهود فإن ذلك ليس لهم لأنهم
(١٥١)