يصيرها للمسلمين، فإذا شاء ولي الأمر أن يأخذها أخذها. قلت: فإن أخذها منه؟
قال (عليه السلام): يرد رأس ماله عليه، وله ما أكل من غلتها بما عمل) (1).
ولا يخفى أن ظاهر اللام هي الملكية، وجميع المسلمين بالوجه الذي ذكره (عليه السلام) ظاهر في الآحاد استغراقيا، إلا أنه للمحاذير المتقدمة مرارا يحمل على ملك الطبيعي، والترتيب الذي ذكره (عليه السلام) لبيان أنه لا يختص بزمان دون زمان، ويقبل الانطباق على المسلم بالفعل وعلى من يدخل في الإسلام.
وقوله (عليه السلام) (لا يصلح) الظاهر في عدم الصلوح وضعا في باب المعاملات المقصود منها الصلاح من حيث الأثر - مع كون الدهاقين قائمين بعمارتها - يدل على عدم كونها ملكا لهم بقيامهم بعمارتها، ومع بقائها على ملك المسلمين لا يجوز البيع منهم البتة، إذ لا بيع إلا في ملك.
وأما ما استدركه (عليه السلام) فظاهر في أخذ الأرض من أيدي الدهاقين، وإبقائها على ملك المسلمين، والتعبير بقوله " تصيرها " الظاهر في جعل الشئ على نحو بعد ما لم يكن كذلك، باعتبار كونها في أيدي الدهاقين الذين لا يعاملون (2) معاملة ملك المسلمين، بل يرونها كسائر أملاكهم.
والشاهد على بقائها على ملك المسلمين من دون تأثير لنقل الدهاقين، قوله (عليه السلام) (فإذا شاء ولي الأمر أن يأخذها أخذها) أي حيث إنها ملك لمن هو ولي أمره، لا أنه إذا شاء أن يتملكه قهرا ملكه، والتعبير بالمشية من حيث إنه له أن يبقيها في يد من اشتراها من الدهاقين بتقبيلها منه، وله أن يقلبها من غيره.
وعليه فالاشتراء بمعنى أخذ الأرض بعوض صورة لا حقيقة، تحفظا على ملك المسلمين، وأما حمله على الاشتراء الحقيقي بأن يصيرها للمسلمين بالالتزام في العقد بخراجها فخلاف الظاهر في نفسه، ومناف لما بعده.
وأما رد رأس ماله إليه فإما هو تفضل من ولي الأمر، أو أنه بإزاء ما كان للدهاقين