وعليه فمعنى كونه خيرا لهم في مثل هذا الفرض تقرير المفروض من حيث خيرية رفع الحاجة به، فبيعه خير من ابقائه لكونه رافعا لحاجته فتكون الرواية دليل الصورة الآتية في الجملة دون هذه الصورة، وعليه يبتني ما سيجئ (1) من الايراد الأخير من اختصاص الثمن بالبائع لكونه محل حاجته، وإن كانت الحاجة إلى نفع زائد ليفي بمؤنته، حيث قال الراوي: (إذا احتاجوا ولم يكفهم ما يخرج من الغلة) فإن ظاهره أن الباعث على البيع تكميل النفع ليفي بمؤنته، وهذا الفرض بنفسه يقتضي أن يكون التبديل تبديلا بما هو أزيد نفعا، فيكون قوله (عليه السلام): (وكان خيرا لهم) أيضا تقريرا لما فرضه من البيع الرافع لحاجته من حيث كونه بلحاظ زيادة النفع مكملا لما يفي بمؤنته، وحينئذ يكون دليل هذه الصورة فقط، والعبرة حينئذ بالحاجة إلى زيادة النفع لا بمجرد زيادة النفع، وينقطع التمسك بعموم الجواب، إذ ليست الشرطية حينئذ إلا تقريرا لما فرضه من الحاجة إلى زيادة النفع، فتدبر.
ومنها: ما ذكره (رضي الله عنه) أيضا أن المراد من الخير يحتمل أن يكون هو الخير الذي بلحاظه يكون الاختيار اختيارا، وهو طلب خير الفعل لما فيه من الداعي الموافق لغرضه، لا الخير بمعنى الأنفع وهو بعيد جدا، إذ لم يسأل السائل إلا عن جواز فعل اختياري يوافق غرضه، فلا معنى للتقييد، ولا هو أمر مهم كي يكون للتقرير، إذ لا يعقل البيع إلا عن قصد وعمد ينبعث عن الغرض، وعليه فلا يتطرق هذا الاحتمال كي يكون منافيا لمورد الاستدلال مع أنه لا يقول به أحد.
ومنها: ما ذكره أيضا من احتمال إرادة الخيرية بلحاظ ما فرضه السائل من رفع الحاجة، فيكون دليل الصورة الآتية، وقد عرفت آنفا ما هو الحق هنا فراجع.
ومنها: ظهور الرواية في الوقف المنقطع فيخرج عن محل البحث، وذلك إما لاقتصاره على القرابة من أبيه وأمه مع امكان انقراضهم فلا تأبيد في الوقف، وإما بلحاظ قوله في آخر الخبر (ولورثة قرابة الميت) فإنهم إذا كان الوقف مؤبدا كانوا مشمولين لعنوان قرابة الميت، فهذا التعبير يدل على أن قرابة الميت في الطبقة