الخاصة، بل كان يتصدق بها ويوزعها على الفقراء والمحتاجين، وقد أوقف عامتها على جهات البر المختلفة، ثم لم يزل يلبس الخشن، ويأكل الخشب إلى أن توفاه الله سبحانه. وحسبك ما كتبه لعثمان بن حنيف، يلومه على حضوره وليمة دعي إليها.
قال عليه السلام:
" ألا وان لكل مأموم إماما يقتدي به، ويستضئ بنور علمه، ألا وان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وانكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع، واجتهاد، وعفة وسداد.
فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبا طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا، ولا أخذت منه إلا كقوت دبرة. ولهي في عيني أوهى وأهون من غصة مقرة " (1).
إلا أن قال: " ولو شئت لا اهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز. ولكن هيهات ان يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل الحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع.
أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء ان تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد أأقنع من نفسي بان يقال: هذا أمير المؤمنين ولا أشارك في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش؟ فما خلقت ليشغلني اكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة، همها علفها، أو المرسلة،