عدد من اليهود إلى مكة واستنفروا أهلها لقتال النبي (صلى الله عليه وآله)، واستئصال المسلمين. واتصلوا أيضا بقبيلة غطفان، وقبائل عربية أخرى وحرضوهم على حرب محمد، ووعدوهم بالأموال. فساروا وهم ألوف كثيرة إلى المدينة لانجاز هذا المهم فبلغ النبي (صلى الله عليه وآله) خبرهم، فحفر خندقا حول المدينة من الجهة المكشوفة منها. وجعل للخندق أبوابا، وجعل على الأبواب حرسا وقد شارك النبي (صلى الله عليه وآله) بنفسه في حفر الخندق، وظهرت له صلى الله عليه وآله حينئذ كرامات ومعجزات، سنذكرها في الموضع المناسب إن شاء الله تعالى وقد عسكر صلى الله عليه وآله إلى جنب جبل سلع، وجعل الخندق بينه وبين الأحزاب. وجعل النساء والصبيان في بعض حصون المدينة، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم. وكان لواء النبي (صلى الله عليه وآله) مع علي عليه السلام ولما وافى الأحزاب فوجئوا بالخندق. ونزلوا في الجهة الأخرى منه. وحاصروا المسلمين وذهب حيي بن اخطب اليهودي إلى بني قريظة، ولم يزل بهم حتى نقضوا العهد مع المسلمين فلما بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك أرسل إليهم من يثبت له الامر فرجعوا إليه وأخبروه بان ما بلغه صحيح. فاشتد الامر على المسلمين وضاقت عليهم الأرض بما رحبت. وعظم البلاء، ونجم النفاق، وكثر الخوض. وبلغت القلوب الحناجر. وقال المنافقون والذين في قلوبهم
(١٤)