فبقرينة المقابلة في الآية هنا بين ولاية المؤمنين التي نشأت عنها مسؤوليات النصر وغير ذلك من أمور، تدل على أن المراد بالولاية تولي الأمور، وبين الآية الدالة على ولاية الكفار بعضهم لبعض، تكون النتيجة هي: جعل الحاكمية للكفار أيضا بالنسبة لبعضهم فيما بينهم، لو كان المراد بالولاية هو تولي الأمور كما يريد المستدل أن يقول.
ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض﴾ (١) وقوله تعالى: ﴿انا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون﴾ (٢). وقال تعالى: ﴿وان الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين﴾ (3). إلى غير ذلك من الآيات التي بهذا المضمون. حيث إن المقصود هو النهي عن إطاعة الشياطين، وعن الانصياع لأوامر اليهود والنصارى.
بل إن الآية الأخيرة تنفي الولاية عن المؤمنين، وتخصها بالله تعالى. فلو كان المراد بالولاية الحكم، لكانت ولاية الكفار شرعية كما قلنا.
وهذا مما لا يمكن القول به ولا المساعدة عليه، فلابد من القول بأن الولاية التي يترتب عليها الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ليست بهذا المعنى، بل هي بمعنى النصيحة، وحفظ الغيب، وأنها ولاية بهذا المقدار لا أكثر.
والقول: بأن هذه الآيات ونظائرها ناظرة إلى أن من طبيعة الكفار أن يتولى بعضهم بعضا. وليس في مقام جعل ولاية شرعية لهم.