هذه الأعضاء للجسد الواحد انما تحافظ على ذلك الواحد بكل ما تقدر عليه، وذلك بالدفاع عنه، وبالنصيحة لجماعة، ولأئمة المسلمين.
فالله ولى الذين آمنوا بالتشريع، وحفظ المصالح والحكم، ولله الامر من قبل ومن بعد، وللنبي (ص) وللامام (ع) الولاية أيضا بجعل من الله، بهدف تدبير أمورهم وقيادتهم. والمؤمنون المرأوسون للنبي (ص) وللامام (ع) بعضهم أولياء بعض في النصيحة وحفظ الغيب، والاهتمام بأمور بعضهم بعضا، والنصرة، والمعونة، فليس معنى الولاية هو الحكومة لكل واحد منهم على الاخر، أو على المجتمع، بل ولي المجتمع والحاكم فيه هو الله سبحانه.
وكخلاصة لما تقدم نقول: إن كل هذه المعاني محتملة في الآية المشار إليها - ان لم يكن من بينها (وهو الأخير) ما هو الاظهر - وليس فيها ما يوجب تعين كون الولي فيها بمعنى الحاكم، والمتولي للامر.
وثانيا: لو كانت هذه الآية تعطي حقا للمؤمنين في أن يحكم بعضهم بعضا، فاللازم أن تعطي الآيات الأخرى هذا الحق بالذات للكفار، وتصير حكومتهم على بعضهم البعض شرعية!! فقد قال تعالى:
﴿ان الذين آمنوا، وهاجروا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، والذين أووا، ونصروا، أولئك بعضهم أولياء بعض. والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ، حتى يهاجروا وان اشتنصروكم في الدين فعليكم النصر، الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق، والله بما تعملون بصير. والذين كفروا بعضهم أولياء بعض، الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير﴾ (1).