المرجحات. وأما الأحكام الإلهية الثابتة، فلا مورد للاستشارة فيها، كما لا رخصة فيها لاحد، والا كان اختلاف الحوادث الجارية ناسخا لكلام الله تعالى) (١).
٣ - قوله تعالى: (وشاورهم في الامر) ظاهر في كون ذلك في ظرف كونه حاكما وواليا عليهم، فان عليه أن يستشيرهم في هذا الظرف.
وهذا لا يعني أبدا أن يكون نفس الحكم شورائيا وانتخابيا، بأي وجه. هذا كله، عدا عن احتمال أن يكون هذا الامر واردا في مقام توهم الحظر، فلا يدل على أكثر من إباحة المشاورة، ولا يدل على الالزام بها. وهو احتمال قوي كما أوضحناه في ما سبق.
٤ - ان القرار النهائي يتخذه المستشير نفسه، ولربما وافق رأي الأكثر، ولربما خالفهم. ويدل على ذلك قوله تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله). وليس في الآية الزام برأي الأكثرية، بل ولا برأي الكل لو حصل اجماعهم على رأي واحد.
٥ - ان هذه الشورى التي دل عليها قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) ليست لكل أحد، وانما هي خاصة بأولئك المؤمنين الذين لهم تلك الصفات المذكورة في الآيات قبل وبعد هذه العبارة، وليس ثمة ما يدل على تعميمها لغيرهم، بل ربما يقال بعدم التعميم قطعا، فقد قال تعالى: ﴿فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا، وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش، وإذا ما غضبوا هم يغفرون. والذين استجابوا لربهم، وأقاموا الصلاة، وأمرهم شورى بينهم، ومما رزقناهم ينفقون. والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾ (2).