بنفسها وولدها، وكل وجودها.
وليت شعري، كيف لم يدرك هذه الحقيقة كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار؟! وكيف سمحوا لأنفسهم بالفرار في هذا الظرف الحرج والخطر جدا على مستقبل الاسلام، الدين الحق؟!.
وقد كان المهاجرون يرون لأنفسهم، ويرى لهم الناس امتيازا على غيرهم، وأنهم في موقع المعلم والمرشد. وهم الذين عاشوا مع النبي (ص)، واستفادوا من تعاليمه، ورأوا من معجزاته أكثر من غيرهم. وإذا كانت هذه الأنصارية التي لاجهاد عليها، والتي لم تعاشر النبي (ص)، ولم تر من معجزاته وكراماته ما رآه هؤلاء، وقد وقفت هذا الموقف الرسالي الرائد دونهم. فمن الطبيعي أن يكون مقامها أفضل من مقام فلان وفلان من كبارهم. كما أن من الطبيعي أيضا: أن يفر ذلك المهاجري إلى النار، ويكون جهادها طريقها إلى الجنة.
كما أننا سوف لا نصدق بعد هذا ما يقال، من أن الفضل انما هو بطول الصحبة للرسول، أو بغير ذلك من عناوين، بل سوف نصر على أن الفضل - كما قرره القرآن - انما هو بالتقوى، والعمل الصالح، عن علم ووعي، وعن قناعة وجدانية راسخة.
ملاحظة: ونشير أخيرا: إلى أن خروج أم عمارة إلى أحد لعله كان استثنائيا، ولضرورة خاصة. ومما يوضح لنا ذلك: أننا نجد امرأة من عذرة استأذنت الرسول في أن تخرج في جيش كذا وكذا، فلم يأذن لها (ص)، فقالت: يا رسول الله، انه ليس أريد أن أقاتل، انما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى، أو أسقي المرضى.
قال: لولا أن تكون سنة، ويقال: فلانة خرجت، لأذنت لك، ولكن اجلسي (1)