وللهزيمة التي لحقت بالمسلمين، وما جرى عليهم من النكبات، والقتل الذريع، حتى لقد قتل منهم سبعون، وجرح أعداد هائلة - أيضا - هو:
أنهم عصوا، وتنازعوا، ففشلوا. قال تعالى: (ولقد صدقكم الله وعده، إذ تحسونهم ﴿١) باذنه، حتى إذا فشلتم، وتنازعتم في الامر، وعصيتم، من بعد ما أراكم ما تحبون، منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة﴾ (2).
وتصريح القرآن بأنهم قد عصوا، وتنازعوا من بعد ما كان النصر منهم قاب قوسين أو أدنى، يكذب ما يدعيه البعض: من أنهم قد تخيلوا انتهاء أمد أمر النبي (ص)، وان هذا اجتهاد منهم (3). فإنه لو كان اجتهادا لما كان معصية، مع أن القرآن يصرح بالمعصية.
والقول بأن المراد بالمعصية: المخالفة مطلقا، ولو عن اجتهاد، خلاف ظاهر كلمة: (عصيتم).
فالنصر كان معهم، وحليفهم حتى تنازع الرماة، لان بعضهم كان يريد الدنيا، وبعضهم يريد الآخرة.
أضف إلى ذلك: أن أمر الرسول كان صريحا لهم في أن لا يتركوا مراكزهم، حتى يرسل إليهم، حتى ولو رأوهم مهزومين، أو حتى لو رأوهم يغنمون، ولذا قال رفقاؤهم: لا نخالف أمر رسول الله (ص). فكيف يصح بعد هذا أن يقال: إنهم تخيلوا انتهاء أمد أمره (ص)؟!.
وهكذا، فقد كانت معصية بعض الرماة، وتنازعهم سببا في كل ما نال المسلمين من كوارث ونكبات آنئذ، قد أشرنا ولسوف نشير إن شاء الله