ونقول: انه إذا كان هدف الاسلام هو الحفاظ على انسانية الانسان، وتكامله في مدارج الانسانية، فلا بد أن تكون مواقفه ووسائله منسجمة مع ذلك الهدف الأسمى، لان الوسيلة في نظر الاسلام لا تنفصل عن الهدف، وانما هي جزء منه.
اذن، فلا بد أن يتعامل مع كل أحد حتى مع أبيه، وولده، وعشيرته، وماله، وكل ما يحيط به، تعاملا انسانيا صحيحا، ومنسجما مع أهدافه تلك.
فإذا كانت علاقته بماله، أو بأبيه، أو بولده سوف تفصله عن هدفه، أو تفرض عليه موقفا يتناقض معه، أو يعيق عن الوصول إليه، فلابد من رفض تلك العلاقة وتدميرها، لان الابقاء عليها انما يعني تدمير الانسانية، والخروج عنها إلى ما هو أحط من الحيوان. وهذا هو ما أشار إليه تعالى في قوله عمن اتخذ إلهه هواه: ﴿أم تحسب أن أكثرهم يسمعون، أو يعقلون، ان هم الا كالانعام، بل هم أضل سبيلا﴾ (1).
اذن، فلا جامع ولا قدر مشترك بين الانسان المسلم الذي يعتبر نفسه انسانا، بكل ما لهذه الكلمة من معنى، ويتصرف على هذا الأساس، وبين غيره ممن رضي لنفسه أن يكون أضل من الانعام، ويتصرف على هذا الأساس، ومجرد وجود علاقة نسبية بينهما لا يبرر تخلي هذا عن انسانيته في سبيل ارضاء ذاك.
وأما إذا كانت مواقف ذلك الانسان المنحرف وتصرفاته تساهم في تدمير الانسانية أينما كانت، وحيثما وجدت، والقضاء على خصائصها ومنجزاتها، سواء على صعيد الفرد أو المجتمع، أو حتى الأجيال القادمة.
فان من الطبيعي أن نرى ذلك الولد الانسان: يهتم بالقضاء على هذا الوالد، ويعمل في هذا السبيل بصدق، وبجدية، والا فإنه سيتضح لنا: ان