ومعناه كما في جامع المقاصد " أن القرعة إذا أخرجت أحدهما قدم في السقي، وليس له أن يسقي مقدار حاجته، لأنه يفسد زرع الآخر كله أو بعضه، بل ينظر إلى مقدار زمان السقي لهما ومقدار صبر الزرعين وعدم تطرق الفساد إليهما، والمفروض أن زمان الثاني قاصر عن زمان الأول، لأن المفروض أن الفاضل عن سقي الأول غير كاف في سقي الثاني، فمقدار ما قصر به الزمان الثاني يوزع على كل من المالك الأول والثاني، فيسقي الأول مقدار حقه، وهو ما يبقى بعد إسقاط حصته من التوزيع لا مقدار حاجته ثم يرسله إلى الثاني، مثاله لو كان زمان سقي الأول أعني الذي أخرجته القرعة ستة أيام والآخر مثلها والباقي ثمانية أيام، فكل منهما أربعة، ولو تفاوتا في ذلك بأن كان زمان سقي الأول ستة أيام والآخر أربعة ومجموع المدة التي لا يبقى الزرعان بعدها ثمانية أيام فللأول ثلاثة أخماس ثمانية أيام وللآخر خمساها، فإذا انقضت ثلاثة أخماس الثمانية أرسل الماء الأول، وهو من أخرجته القرعة إلى الثاني، لمساواتهما في أصل الاستحقاق، وأما قوله: والقرعة إلى آخره فهو جواب عن سؤال مقدر، وهو أنه لا فائدة في القرعة بعد الحكم باستوائهما في السقي، وجوابه أن فائدتها تقديم أحدهما على الآخر، ولولاها لم تتحقق ذلك، لعدم الأولوية ".
قلت: لا يخفى عليك ما في ذلك كله، ضرورة اقتضاء تساويهما في الاستحقاق قسمة الماء بينهما، كما لو كانا مالكين، فيأخذ كل منهما نصيبه وإن لم يكف لحاجته، لا القرعة التي هي بعد تعذر القسمة ليتحقق الاشكال.
كما لا يخفى عليك ما في الجميع بعد الإحاطة بما ذكرنا سابقا ولاحقا من تساويهما في حق الأولوية التي لا ترجع إلى حق في الماء نفسه، فلا يتصور فيه القسمة، على أنه قد يفرض التضرر بابتداء أحدهما على وجه لا يمكن