سمعت ما في النصوص السابقة من الأمر بها بعد الدعاء إليها من غير استئذان والنهي عن طلبها، إلا أنه غير صالح للتخصيص أدلة الجهاد والأمر بالمقاتلة ونحوهما، لضعف السند وإعراض المشهور، ولذا حمل على الكراهة، نعم تحرم إذا منع منها بلا خلاف ولا إشكال، وعلى كل حال فلا إشكال في أصل مشروعيتها في الجملة، بل في الإيضاح دعوى إجماع الأمة على ذلك، وفي المنتهى المبارزة مشروعة غير مكروهة في قول عامة أهل العلم إلا الحسن البصري فإنه لم يعرفها وكرهها، ولا ريب في فساده، لما عرفت ولما رواه الجمهور (1) وغيرهم من أن عليا عليه السلام بارز يوم خيبر مرحبا فقتله، وبارز عمرو بن عبد ود فقتله، وبارز هو وحمزة وعبيدة بن الحارث يوم بدر بإذن النبي صلى الله عليه وآله، وفيما رواه الجمهور (2) أيضا أن بشر بن علقمة بارز أسوارا فقتله فبلغ سلبه اثني عشر ألفا، ولم يزل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تقع منهم المبارزة، وأنه كان أبو ذر يقسم أن قوله تعالى (3) " هذان خصمان اختصما " نزلت في الذين تبارزوا يوم بدر، وهم حمزة وعلي عليه السلام وعبيدة (4)، وأن أبا قتادة قال:
بارزت رجلا يوم خيبر فقتلته (5) إلى غير ذلك، بل يمكن دعوى كونه من الضروري.