نعم كان مقتضى النهي التحريم لا الكراهة، ولعله لما في جامع المقاصد، قال: " وأما عدم التحريم فلأن الناس مسلطون على أموالهم فإن قيل يحرم تعذيب الدابة وعدم إطعامها وسقيها وتحميلها فوق الطاقة فكيف جازت العرقبة قلنا: حال الحرب مخالف لغيره، وإتلاف الدابة وإضعافها أمر مطلوب، لأن إبقاءها بحالها ربما أدى إلى استعانة الكفار بها " وإن كان هو كما ترى، وفي التنقيح إنما قلنا بكراهته لأنه يؤول إلى هلاكها، ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن قتل الحيوان لغير أكله (1) وفيه أنه لا يدل على كراهة خصوص ذلك، فالعمدة ما عرفت ومن الغريب إنكار بعض الأفاضل الدليل، وقال: ليس في النصوص إلا ما سمعته سابقا (2) " ولا تعقروا من البهائم ما يؤكل لحمه إلا ما لا بد لكم من أكله " إلا أنه غير دال على خصوص ذلك، ولكن أمر الكراهة سهل يكفي فيها الفتاوى.
وكيف كان فالذي يدل على أصل الجواز (3) عموم " الناس مسلطون على أموالهم " وأنها مخلوقة للناس يفعلون بها كيف شاؤوا ونحو ذلك، وفعل جعفر الذي لم ينكره النبي صلى الله عليه وآله بل أعطي في تلك الشهادة جناحان يطير بهما في الجنة كيف يشاء، والمناقشة بكونه ظلما فيقبح يدفعها أن الشارع بجوازه كشف عن عدم قبحه كالذبح والاشعار ونحوهما مما يجوز شرعا، نعم قد يقال إن المنساق دابة المسلم أما دابة الكافر فلا كراهة في تعرقبها حال الحرب إضعافا لهم ومقدمة لقتل راكبها وغير ذلك كما صرح به الكركي وثاني الشهيدين، بل