الكفار في طلبه قال له النبي صلى الله عليه وآله: إنه لا يصلح في ديننا الغدر، وقد علمت ما عاهدناهم عليه، ولعل الله أن يجعل لك فرجا ومخرجا، فلما رجع مع الرجلين قتل أحدهما في طريقه ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال يا رسول الله قد أوفى الله ذمتك، قد ردني الله إليهم، وأنجاني الله منهم، فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وآله ولم يلمه، بل قال: ويل أمة مسعر حرب لو كان معه رجال ، فلما سمع ذلك أبو بصير لحق بساحل البحر وانحاز إليه أبو جندل ابن سهيل ومن معه من المستضعفين بمكة فجعلوا لا يمر عير لقريش إلا عرضوا لها فأخذوها وقتلوا من معها فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وآله تناشده الله والرحم أن يضمهم إليه ولا يرد إليهم أحدا جاء ففعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك.
بل يستفاد منه عدم دخول من تجدد إسلامه منهم في عقد الهدنة فيجوز له السلب والقتل، ولذا لم يؤد النبي صلى الله عليه وآله لهم من قتله أبو بصير ولا ما أخذه هو وأصحابه من عير قريش، ولعله لظهور عقد الهدنة فيمن كان في قبضة الإمام عليه السلام وقت العقد دون من كان قد أسلم منهم إلا أن يشترطوا ذلك على وجه يشملهم الصلح.
وقد يشكل صحة الاشتراط في الأول بأن في إعادته وقهره على ذلك ظلما له، فلا يجوز قبول اشتراط ما يقتضي الظلم على المؤمن، إذ هو من الصلح المحلل للحرام، ويدفع باطلاق الإذن بالمسالمة الشاملة للفرض إذا اقتضت المصلحة، ونصرة المظلوم واجبة مع التمكن المفروض عدمه بالشرط الواجب الوفاء به، إذ لا ضرر على المسلم بالرجوع مع فرض