(ويحرم الغزو في أشهر الحرم) وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم (إلا أن يبدأ الخصم أو يكون ممن لا يرى للأشهر) الحرم (حرمة) بلا خلاف أجده في شئ من ذلك، لقوله تعالى (1) " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل: قتال فيه كبير " أي ذنب كبير، وقوله تعالى (2) " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين الآية، وقوله تعالى (3) " الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " الذي قيل في سبب نزوله أنه كان أهل مكة قد منعوا النبي صلى الله عليه وآله عام الحديبية سنة ست في ذي القعدة وهتكوا الشهر الحرام، فأجاز الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وأصحابه أن يدخلوا في سنة تسع في ذي القعدة لعمرة القضاء مقابلا لمنعهم في العام الأول، ثم قال:
" والحرمات قصاص " أي يجوز القصاص في كل شئ حتى في هتك حرمة الشهر، ثم عمم الحكم فقال " فمن اعتدى عليكم " الآية، ومضمر العلاء بن الفضيل (4) المنجبر بما عرفت " سألته عن المشركين أيبتدؤهم المسلمون بالقتال في الشهر الحرام فقال: إذا كان المشركون يبتدؤونهم باستحلاله ثم رأى المسلمون أنهم يظهرون عليهم فيه، وذلك قول الله عز وجل " الشهر الحرام بالشهر الحرام، والحرمات قصاص " والروم في هذا بمنزلة المشركين، لأنهم لم يعرفوا للشهر الحرام حرمة ولا حقا فهم يبتدؤون بالقتال فيه، وكان المشركون يرون له حقا وحرمة