في خصوص أخبار البيداء بإرادة تأخير الجهر بها لا أصل التلفظ بها ولو بقرينة ما دل من النصوص (1) على عدم تجاوز الميقات إلا محرما كما جزم به الفاضل في المنتهى في الجمع بينهما، إذ الفرض أن بين البيداء وذي الحليفة الذي هو الميقات ميلا، بل في صحيح عمر بن يزيد (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) (إن كنت ماشيا فاجهر باهلالك وتلبيتك من المسجد، وإن كنت راكبا فإذا علت راحلتك البيداء) بل الشيخ قد جعله شاهد جمع بين النصوص على التفصيل بين الماشي والراكب، فيستحب للأول التلبية من المسجد، والثاني من البيداء، وإن كان فيه أن ذلك بالنسبة إلى الاظهار لا أصل التلبية، لما فيه من المحذور السابق.
ومن الغريب أن بعض المحدثين مال إلى وجوب تأخير التلبية إلى البيداء في هذا الميقات عملا بالأوامر المزبورة، ولم أعرفه قولا لأحد، بل يمكن تحصيل الاجماع على خلافه، مضافا إلى بعض النصوص (3) المصرحة بالتلبية من المسجد، وظاهر الكليني المفروغية من ذلك، وأغرب منه جمعه بينها وبين ما دل على عدم تجاوز الميقات إلا محرما بأن المراد من الأخير عدم التهيؤ له والنية وقول ما يقوله المحرم ونحو ذلك مما لا بعد في إطلاق اسم المحرم عليه، إذ هو كما ترى يقتضي جواز تأخير التلبية عن المواقيت أجمع مع التهيؤ فيها، ويمكن تحصيل الاجماع على خلافه إن لم تكن الضرورة، ولو أنه قصر الاحتمال المزبور على خصوص هذا