من كان غير مريد النسك ممن لا يجب عليه الاحرام بالمرور على الميقات ممن عرفت بخلاف من وجب عليه ذلك، فإنه متعمد الترك، فلا يجزيه إلا الرجوع إلى الميقات كما ستعرف، أما الأول فلا خلاف أجده في مساواته للناسي في الحكم المزبور، لفحوى النصوص الواردة فيه وفي الجاهل، بل هو أعذر من الناسي وأنسب بالتخفيف، مضافا إلى صحيح الحلبي (1) (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم فقال: يرجع إلى ميقات أهل بلده الذي يحرمون منه، وإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم) المندرج فيه محل البحث، فما عن بعض العامة من القول بالاحرام من موضعه مطلقا واضح الضعف، ضرورة وجوب العود عليه مع التمكن منه، لاطلاق ما دل على اعتبارها في صحة الاحرام، والفرض تمكنه من اتيان المأمور به على وجهه كما هو ظاهر.
هذا كله في الناسي والجاهل وغير مريد النسك (وكذا المقيم بمكة إذا كان فرضه التمتع) كما عرفت الكلام فيه مفصلا سابقا (أما لو أخره عامدا) مريدا للنسك (لم يصح احرامه) للحج (حتى يعود إلى الميقات و) حينئذ ف (لو تعذر لم يصح احرامه) وفاقا للأكثر بل المشهور، بل ربما يفهم من غير واحد عدم خلاف فيه بيننا، مؤاخذة له بسوء فعله، ولا طلاق ما دل على اعتبار الوقت في صحة الاحرام المقتصر في تقييده على من عرفت، بخلاف الفرض، واطلاق صحيح الحلبي غير معلوم الشمول له كما اعترف به بعضهم، ودعوى تنزيل اطلاق دليل الشرطية على غير صورة التعذر ليس بأولى من تنزيل اطلاق صحيح الحلبي على غير الفرض، بل هو أولى من وجوه، فحينئذ لا يصح احرامه