لم يجز، وإن كان المنسي التلبيات أجزأ، وربما قيل إنه المستفاد من المرسل المتقدم، وأنه الموافق لقاعدة الاقتصار فيما خالف الأصل الآتي على المتيقن من النص والفتوى، وهو ما عدا النية وإن كان قد يستفاد من المرسل وغيره من الأخبار الصحيحة المراد بالاحرام هو التلبية كما ستعرف ذلك في بحثها، بل ولقاعدة الاحتياط في الجمل، إذ قد عرفت الاختلاف في معناه، وحينئذ يتجه الفساد بترك كل ما يحتمل كونه إحراما خرج منه ما عدا النية فتوى ورواية، لاتفاقهما على الصحة في تركه، ويبقى تركها على مقتضى الفساد، إلا أن الجميع كما ترى، ضرورة أن مقتضى الرواية صحة الحج مع ترك الاحرام جهلا أو نسيانا، والظاهر من حال الجاهل بوجوب الاحرام والناسي له إن لم يأت بالنية ولا التلبية ولا التجرد ولا لبس الثوبين، وإذا ثبت صحة الحج مع الاخلال بذلك كله فمع البعض أولى بل الظاهر دخول النية في الاحرام على جميع الأقوال وإنما الكلام في الزيادة، فلا اشكال حينئذ في دخول تركها في الصحيح، والتقييد بما في المرسل كما ترى، إذ هو لا جابر له هنا، لخلو فتوى الأكثر عن ذلك، وإنما ذكره الشيخ في النهاية، مع أن ظاهره إرادة العزم السابق لا النية المقارنة للعمل، وقد بان لك من ذلك كله تحقيق الحال، وتسمع له إن شاء الله زيادة كما أنه قد بان لك ضعف المحكي عن الحلي ودليله، خصوصا ما حكي عنه من استدلال بأنه لا عمل إلا بنية فكيف يصح الاحرام بدونها، وهو كما ترى لا يكاد يظهر له وجه، ضرورة أن مفروض المقام عدم الاحرام رأسا لا صحته بلا نية، بل إن كان المراد التعريض بما سمعته من الشيخ ففيه أنك قد عرفت أن المحكي عن الشيخ أنه نية بلا عمل لا عمل بلا نية، كما أنه لو أراد عدم نية بقية المناسك ففيه كون المفروض حصولها أجمع بنية، ولكن بدون إحرام. ودعوى فساد نياتها من دونه واضحه المنع بعد ما عرفت والله العالم.
(١٣٥)