التفويت عمدا أو جهلا أو نسيانا، بناء على عدم إلحاقهما بالظان، كما أن قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيح زرارة (1) الآخر المتقدم سابقا: " يعيد من صلى لغير القبلة " مطلق أيضا يقيد بها، وكذا مفهوم خبر ابن ظريف (2) وغيره من المطلقات فلا محيص حينئذ عن القول بعدم وجوب القضاء عليه، وعلم أن هذه المسألة غير مسألة الالتفات التي يأتي حكمها مفصلا في القواطع إن شاء الله.
وكيف كان فبناء على المختار يسقط الاحتياج إلى تحقيق المراد من الاستدبار، ضرورة مساواته حينئذ في الحكم للمشرق والمغرب والمنحرف عنهما إلى جهته، مع أن الأقوى فيه التحقق بمجاوزة المشرق والمغرب وإن لم يبلغ مقابل القبلة وفاقا لكشف اللثام، لصدق الخروج عن القبلة والاستدبار لغة وعرفا، وما سمعته من خبر عمار، وخلافا لثاني الشهيدين في المسالك، قال: " المراد بالاستدبار ما قابل جهة القبلة بمعنى أن كل خط يمكن فرض أحد طرفيه جهة لها فالطرف الآخر استدبار، فلو فرض وقوع خط مستقيم على هذا الخط بحيث يحدث عنهما أربع زوايا قائمة فالخط الثاني خط اليمين واليسار، فلو فرض خط آخر على الخط الأول بحيث يحدث عنهما زوايا منفرجة وحادة فما كان منه بين خط اليمين واليسار وخط القبلة فهو الانحراف المغتفر، وما كان منه بين خط الاستدبار وخط اليمين واليسار فهو يحكم اليمين واليسار لا الاستدبار، وإنما كان كذلك لأن الخبر (3) الدال على إعادة المستدبر مطلقا عبر فيه بلفظ دبر القبلة، وهو لا يتحقق إلا بما ذكر ".
وقريب منه ما في التنقيح، قال: " هنا فائدة يحسن الإشارة إليها، هي أن جهة الكعبة التي هي القبلة للنائي هي خط مستقيم يخرج من المشرق إلى المغرب الاعتداليين