والشهيدين والمحقق الثاني وغيرهم، نعم عن حواشي الشهيد منهم جعله والدبر احتمالين، وفي بيانه احتمال رجحان الدبر، لاستتمام الركوع والسجود بستره مع كون القبل مستور بالفخذين، واحتمال جعل الساتر حال القيام على القبل، وعلى الدبر في حالتي الركوع والسجود، ولا يعد ذلك مبطلا، لأنه من أفعال الصلاة.
وكيف كان فقد عللوه بأن الدبر مستور بالأليتين كما في خبر أبي يحيى (1) وببروزه وكونه إلى القبلة، بل صرح جماعة بالبطلان لو خالف، كما صرحوا ببقاء الايماء عليه حينئذ، لكن قد يناقشون بعدم صلاحية الأمور المزبورة للترجيح من حيث ستر الصلاة، وبحيث يقضي مخالفتها بالبطلان المذكور، وبامكان أولوية الدبر بناء على التمكن بذلك من الركوع والسجود ولو حالهما كما سمعته من الشهيد، ضرورة أهمية المحافظة عليهما من غيرهما، لأنهما معظم الأركان وثلث الصلاة، ولأن الدبر لم يسقط قادحية كشفه عندهم في حال من الأحوال بخلاف القبل، ولغير ذلك، بل ينبغي الجزم فيما لو فرض كفاية الستر له دون القبل، بل ذلك كله مع التأمل الجيد مما يؤيد ما ذكرناه سابقا من سقوط اشتراط الصلاة، وأنه لا تبطل بانكشاف الدبر حال القيام والقبل أيضا حال الجلوس، إذ المتجه بناء على ذلك ترجيح الدبر أو التخيير كما عرفت، أما على ما حققناه فقد يتجه الأخير حتى في حال الجلوس إلا إذا كان بستر الدبر به عن النظر يتمكن من الركوع والسجود، لعدم انكشاف القبل مثلا، فقد يترجح كالعكس لو فرض ذلك فيه، لعدم مرجح يصل إلى حد الوجوب، ولعله لندرة الفرض المزبور أطلق ما يقتضي التخيير في المحكي عن المبسوط، قال: " لو وجد ما يستر به بعض عورته وجب ستر ما يقدر عليه " وفي المحكي عن المنتهى نسبة التخيير إلى قوم، وتقديم الدبر إلى آخرين، وفي التحرير اقتصر على نسبة الأول إلى البعض.