إليه أيضا، وذلك لأن وجود المركب من أجزاء - كفريضة الصبح مثلا - ليس إلا تحققه في الخارج منضمة الأجزاء بعضها مع بعض، وقد تحقق ذلك، فيكون آتيا بالمأمور به، فيكون ممتثلا، وبه يدفع الأصل والاستصحاب المتقدمان.
نعم لما كان يلزم انصرافه إلى هذا المركب بخصوصه قطعا يجب وجود ما يعينه، وقصد الباقي معين قطعي له، وكذا ضم الباقي مع ما تقدم، بخلاف النية اللاحقة للمجموع فإن كونها معينة ليس قطعيا.
نعم يشترط عدم مانع من انصراف المتقدم إلى المنوي، كقصده أولا لغيره، فإنه لا يفيد حينئذ، كما يأتي في مسألة أصالة عدم جواز العدول، وستأتي زيادة تحقيق للمقام في مسألة قصد السورة قبل البسملة.
ولو كان هناك مميز خارجي كان كافيا في الترجيح ولم يحتج إلى قصد، بل مع وجود المميز الخارجي لا يكون المنوي والمقصود إلا ذلك المميز وإن لم يخطره بباله مفصلا، لعدم إتيان العاقل بفعل بلا قصد، فإذا فعله مع المميز يكون المقصود في خزينة خياله هو المميز - بالفتح - البتة.
ثم إن المميز كما يكفي وجوده أولا، كذلك يكفي لحوقه في الأثناء، فلو شرع في صلاة مترددا بين صلاة الآيات والظهر مثلا وضم بعد قراءة الفاتحة تتمة صلاة الآيات كانت صحيحة، نعم لو قصد الظهر أولا لم يفد ذلك بل يبطل به، وظهر وجهه مما مر، ويأتي في بحث السورة.
وكذلك لم يحتج إلى قصد المميز إذا لم يكن في المأمور به تعدد حتى يحتاج إلى مميز.
والقول بأن عدم التعدد بحسب الشريعة لا يوجب عدمه مطلقا، فإن صلاة الظهر مثلا وإن لم تكن شرعا إلا واحدة واجبة ولكن يمكن وقوعها على جهة الندب بحسب قصد المكلف إما عمدا أو سهوا أو جهلا، وكذا إذا لم يكن في الذمة قضاء صلاة الظهر شرعا ولكن يمكن وقوعها بحسب قصده قضاء، ولا ريب أنها بهذه الجهة غير مأمور بها في الشريعة.