الحسنة عليه في غير ذلك الحال أو لمزاحمتها من بعض العناوين الغير الحسنة المخرجة له عن العبادية، كما لا يخفى.
والدليل عليه ما هو المرتكز في أذهان المتشرعة عند الإتيان بالطهارات الثلاث، فإنهم لا يلتفتون إلى استحبابها النفسي أصلا.
وما ذكره في الإشكال: من كفاية الإتيان بها بداعي الأمر الغيري المتعلق بها إن أريد الإتيان بها كالستر والاستقبال للصلاة بمعنى أنه كما يكفي تحصيل الستر لأجل الصلاة كذلك يكفي مجرد الإتيان بالوضوء لأجل الصلاة.
ففيه: أنه لا يكون بينهما فرق حينئذ، فيكون الوضوء باطلا، مضافا إلى ما نراه من المتشرعة من اختلاف نحوي الإتيان بالوضوء وبالستر عندهم، فإن في حال الإتيان بالأول لهم حالة أخرى لا توجد عند الإتيان بالثاني.
فظهر أن عبادية الطهارات الثلاث إنما هو لكونها صالحة للعبادة مع الإتيان بها بداعي القربة من دون توقف على الأمر النفسي ولا الغيري أصلا، ولذا نقول كما قالوا: بعبادية التيمم في حال الإتيان به مقدمة للصلاة، مع أنه لا يكون متعلقا لأمر نفسي، كما ذهبوا إليه، ولا لأمر غيري، كما سنحققه من عدم وجوب المقدمة، فانتظر.
ثم إن بما ذكرناه في تحقيق عبادية الطهارات الثلاث يرتفع جميع المحذورات المتقدمة والإيرادات السابقة، فإنه لايبقى حينئذ مجال للإشكال في ترتب الثواب عليها، فإن ترتبه عليها ليس لأجل تعلق الأمر الغيري بها، بل لكونها مطلوبة نفسا وعبادة ذاتا، والكلام إنما هو بعد الفراغ عن ترتب الثواب على الواجبات النفسية، فلا وجه حينئذ للإشكال أصلا، كما هو واضح لا يخفى.
وكذا يرتفع به محذور الدور، فإن الأمر الغيري وإن تعلق بما تكون عبادة، إلا أن عباديتها لا تتوقف على الأمر الغيري أصلا، كما ظهر بما حققناه لك.