بالمعنى المتقدم المتنازع فيه، فلا نسلم ثبوته فيها بعدما عرفت من أن الأمر الغيري لا يصلح للداعوية ولا يكون له إطاعة حتى يترتب عليه الثواب ويستحق على تركه العقاب.
وإن كان المراد به جعل الثواب على الطهارات الثلاث، فلا إشكال فيه، ولا اختصاص له بها، بل [لها] نظائر في التوصليات أيضا، مثل ما جعل من الثواب على الذهاب إلى زيارة قبر الحسين (عليه السلام) لكل قدم كذا وكذا، مع أنه لا إشكال في كونه توصليا.
الثاني - وهو العمدة -: أنه لا إشكال في أن الطهارات الثلاث قد اعتبرت مقدمة للصلاة بنحو العبادية، وليس حالها كحال سائر المقدمات، كالستر والاستقبال وغيرهما في أن مطلق وجودها في الخارج قد اعتبرت مقدمة لها، وحينئذ فعباديتها مأخوذة في الرتبة السابقة على تعلق الأمر الغيري بها، إذ لا يكاد يتعلق إلا بما يكون مقدمة بالحمل الشائع، والمفروض أن مقدميتها إنما هو في حال كونها عبادة، وحينئذ فنقول: إن كان المصحح لعباديتها هو تعلق الأمر الغيري بها، فيلزم الدور، لأن تعلقه بها متوقف على كونها مقدمة الراجعة إلى كونها عبادة، فلو كانت عباديتها متوقفة على تعلق الأمر الغيري بها يلزم توقف الشئ على نفسه، كما هو واضح، وإن كان المصحح لعباديتها هو تعلق الأمر النفسي بذواتها، فهو فاسد، لوجوه ثلاثة:
الأول: أنه لا يتم في خصوص التيمم، لعدم تعلق الأمر الاستحبابي النفسي به قطعا.
الثاني: أنه كيف يمكن اجتماع الأمر الغيري مع الأمر الاستحبابي النفسي على شئ واحد؟! فمع ثبوت الأول - كما هو المفروض - لايبقى مجال للثاني، كما لا يخفى.