الوضوء كذلك لم يقيد وجوبه بوجوب الصلاة، فلا إشكال في صحة التمسك بكل من الإطلاقين، وتكون النتيجة هو الوجوب النفسي ولو كان لأحدهما فقط إطلاق يكفي في إثبات الوجوب النفسي أيضا، لأن مثبتات الأصول اللفظية حجة (1). انتهى ملخص ما في التقريرات المنسوبة إليه.
ولكن هذا الكلام مخدوش من وجوه:
الوجه الأول: أنك عرفت فيما تقدم أنه لا يعقل كون وجوب المقدمة مترشحا من وجوب ذيها بمعنى أن يكون الثاني علة موجدة للأول، كما هو معنى الترشح، كما أنه لا يعقل ترشح الإرادة المتعلقة بالمقدمة من الإرادة المتعلقة بذيلها، وهذا واضح جدا.
الوجه الثاني: أن ما ذكره من أنه حيث كان وجوب المقدمة مترشحا من وجوب ذيها، فلا محالة يكون مشروطا به، محل نظر بل منع، لأنه لو سلم الترشح والنشو، فلا نسلم كونه مشروطا به، بل لا يعقل، لأن معنى الترشح - كما عرفت - هو كون المترشح معلولا للمترشح منه، وحينئذ فاشتراط المعلول بوجود العلة إن كان في حال انتفاء المعلول، فبطلانه أظهر من أن يخفى، لأن الاشتراط وصف وجودي لا يعقل عروضه للمعدوم أصلا، وإن كان في حال وجوده، فانتزاع المعلولية منه إنما هو في الرتبة المتأخرة عن الاشتراط، ومن المعلوم خلافه.
الوجه الثالث: أن ما ذكره من أنه يكون وجود الغير مشروطا بوجود الواجب الغيري بمعنى أن المقصود من الغير هو تحققه مقيدا بذلك الواجب الغيري، فلا يتم على إطلاقه وإن كان في المثال صحيحا، لأنه لو فرض أن المولى أمر بنصب السلم وشك في أن وجوبه هل يكون نفسيا أو غيريا، فإنه ولو سلم