وما ذكره العراقي (قدس سره) في دفع محذور الدور: من كلامه المتقدم (1) وإن كان يكفي في دفع ذلك المحذور إلا أنه لا يرتفع به ما هي العمدة في المقام من الإشكال، وهو أنه كيف يمكن أن يكون الأمر الغيري مصححا لعبادية متعلقه؟!
كما لا يخفى، كما أنه بما ذكرنا يرتفع سائر المحذورات، فإنك قد عرفت أن عبادية التيمم ليس لأجل تعلق الأمر النفسي الاستحبابي به حتى يقال بأنهم لا يقولون به، وكذلك لايبقى مجال للإشكال باستحالة اجتماع الأمر الغيري مع الأمر النفسي على شئ واحد، فإنه قد ظهر بما ذكرنا أن المأمور به بالأمر الأول هو ما يكون متعلقا للأمر الثاني بوصف كونه كذلك، وبعبارة أخرى: العبادة المستحبة جعلت مقدمة ومتعلقة للأمر الغيري، نظير ما إذا نذر الإتيان بصلاة الليل مثلا، فإن الوفاء بالنذر وإن كان واجبا إلا أنه لا ينافي استحباب صلاة الليل ولا يخرجها عنه إلى الوجوب، بل يجب عليه الإتيان بها بما أنها مستحبة، كما لا يخفى.
وأما كفاية الإتيان بالطهارات بداعي الأمر الغيري المتعلق بها فقد عرفت ما فيه من أنه لو كان المراد كفاية الإتيان بها للصلاة، فلا نسلم صحتها وكون الإجماع منعقدا عليها، لما عرفت من الفرق عند المتشرعة في مقام الإتيان بها أو بسائر المقدمات غير العبادية.
ثم إن ما يظهر من بعض: من تصحيح عبادية الطهارات الثلاث مع قطع النظر عن تعلق الأمر الغيري بها بأن الأمر المتعلق بالصلاة، كما أنه يدعو إلى متعلقها كذلك له نحو داعوية إلى مقدماتها، فعبادية الطهارات إنما هو لاعتبار الإتيان بها بتلك الداعوية، لا كما ذكره النائيني (قدس سره) من انبساط الأمر النفسي على