لا يصدر منه تعالى إلا بعد ذلك بطريق أولى، كما لا يخفى.
وأما الثاني: فلأنه ليس المقصود في المقام إثبات نفي الاستحقاق، بل يكفينا مجرد ثبوت المؤمن عن العذاب، وإن كان أصل الاستحقاق ثابتا.
وأما الثالث: فيظهر الجواب عنه مما ذكرناه في الجواب عن الإيراد الأول.
هذا، ويبقى في الآية أنه لو ثبت بدليل وجوب الاحتياط لا يكون التعذيب حينئذ تعذيبا قبل بعث الرسول، حتى لا يناسب مقامه - جل شأنه - كما لا يخفى.
ومنها: قوله تعالى: * (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها) * (1).
ويقع الكلام فيه في مقامين: أحدهما في إمكان دلالته على المقام، ثانيهما فيما هو ظاهره.
أما المقام الأول: فلا إشكال في أنه لو كان المراد من التكليف هو التكليف الفعلي، ومن الموصول هو التكليف الفعلي أيضا أو أعم منه ومن المال وغيره يلزم المحال، لأنه يصير معناه حينئذ: أن التكليف الفعلي لا يتحقق إلا بعد إيصال التكليف الفعلي، فيكون اتصافه بالفعلية مشروطا بإيصاله متصفا بها، وهذا دور صريح.
وكذا يلزم ذلك لو كان المراد من كليهما هو التكليف الشأني، وأما لو كان المراد بالأول هو التكليف الفعلي وبالموصول هو التكليف الشأني فلا يلزم المحال بوجه، كما أنه لو كان المراد من قوله: * (لا يكلف الله) * هو عدم إيقاعه تعالى نفسا في الكلفة والمشقة، لا التكليف المصطلح فلا مانع من أن يكون المراد بالموصول هو التكليف الفعلي. وحينئذ يصير معنى الآية: أنه تعالى لا يوقع نفسا