في تقدم الأمارات عليه واضح، لأن الأمارات حجة شرعية - تأسيسا أو إمضاء - فيجوز رفع اليد بها عن اليقين السابق، لأن مقتضى أخبار الاستصحاب هو حرمة نقض الحجة ما لم تحصل حجة على خلافها، وأدلة اعتبار الأمارات تثبت الحجة المعتبرة، فتكون واردة عليها.
هذا، ويشهد لما ذكرنا: من أن اليقين ليس المراد به اليقين الوجداني، بل الحجة والدليل ملاحظة نفس أخبار الاستصحاب، والتأمل فيها، فإنه قد حكم الإمام (عليه السلام) في صحيحة زرارة الأولى، الواردة في الوضوء (1) بحرمة نقض اليقين بالطهارة بالشك فيها، مع أن اليقين الوجداني بالطهارة لا يتفق إلا نادرا، لأن العلم الجزمي بكون الوضوء الصادر من الإنسان قد صدر جامعا لجميع ما اعتبر فيه في غاية القلة، بل لولا قاعدة الفراغ لأشكل الأمر بسبب ذلك، ومع ذلك قد حكم الإمام (عليه السلام) بجريان استصحاب الطهارة، وليس ذلك إلا لكون المراد من اليقين ليس ما اصطلح عليه العلماء، وهو ما يقابل الظن والشك والوهم، كما هو واضح.
ونظير ذلك ما وقع في صحيحته الثانية (2) من حكم الإمام (عليه السلام) بجريان الاستصحاب فيما لو ظن إصابة الدم أو المني الثوب، مع عدم اليقين بذلك، معللا ب " أنك كنت على يقين من طهارتك "، مع أن اليقين الوجداني والعلم الجزمي بطهارة الثوب مما لا يتفق إلا نادرا.
وكذلك صحيحته الثالثة الواردة في عدة أحكام الشكوك: منها