في المشقة إلا من قبل التكاليف الواقعية الفعلية التي بلغها إلى المكلف.
وحينئذ فيدل على نفي وجوب الاحتياط أيضا، لأنه لو فرض وجوب الاحتياط يلزم إيقاع المكلف في الكلفة من قبل التكاليف المجهولة التي لم تصل إلى المكلف، ضرورة أن إيجاب الاحتياط ليس إلا لرعاية حفظ الواقع، ولا يكون وجوبه إلا طريقيا، فلا يقال بأن الآية لا تنافي وجوب الاحتياط، لأنه تكليف واصل إلى المكلفين، فلا مانع من وقوع المكلف في المشقة من ناحيته، فتدبر.
ثم إنه لو أريد بالموصول في الآية أعم من التكليف فالظاهر أنه مما لا يمكن، لأنه لا يعقل أن يتعلق التكليف بالتكليف إلا على وجه تعلق الفعل بالمفعول المطلق، كما أن تعلقه بالمال أو بمطلق الشئ إنما يكون على وجه تعلقه بالمفعول به، وهذان الوجهان مما لا يمكن فرض الجامع القريب بينهما، لأن المفعول به لابد وأن يكون مفروض التحقق قبل ورود الفعل عليه، والمفعول المطلق إنما هو من شؤون الفعل وأنواعه، ولا جامع بين ما يقع عليه الفعل وبين ما هو مأخوذ من نفس الفعل. وإن شئت قلت في المقام بعدم الجامع بين التكليف والمكلف به.
هذا، وأجيب عن ذلك بوجوه:
منها: ما أفاده المحقق النائيني على ما في التقريرات من أن إرادة العموم من الموصول لا يستلزم أن يكون المراد من الموصول الأعم من المفعول به والمفعول المطلق، بل يراد منه خصوص المفعول به.
وتوهم أن المفعول به لابد وأن يكون له نحو وجود وتحقق في وعائه قبل ورود الفعل عليه ممنوع بأن المفعول المطلق النوعي والعددي يصح جعله مفعولا به بنحو من العناية، مثلا الوجوب وإن كان وجوده بنفس الإيجاب