احتياج إلى رعاية العلاقة والعناية، كما اعترف بذلك في مبحث الاشتغال، حيث قال: إن استعمال الرفع مكان الدفع أو بالعكس إنما هو بضرب من العناية والتجوز (1).
والتحقيق في المقام أن يقال: إن الرفع في الحديث الشريف قد أسند إلى نفس الأفعال التي يتعلق بها التكليف، ولم يكن مسندا إلى نفس الحكم، حتى يحتاج إلى دعوى كون المراد من الرفع هو الدفع، فإن الرفع قد أسند إلى نفس الخطأ والنسيان ونظائرهما. نعم، لا ننكر أن هذا الإسناد يحتاج إلى ادعاء أنه إذا كانت تلك الأمور مما لا يترتب على فعلها المؤاخذة، أو أظهر آثارها أو جميعها فكأنها لا تكون متحققة في صفحة الوجود.
وبالجملة: فالرفع قد استعمل في الحديث بمعناه الحقيقي، وهي إزالة الشئ بعد وجوده، لأنه قد نسب إلى العناوين المتحققة في الخارج، وهي موجودة ثابتة، وإسناد الرفع إليها إنما هو بأحد الوجوه المحتملة. هذا، ولو قلنا بأن التقدير هو رفع الأحكام والآثار المترتبة على تلك العناوين فيمكن أن يقال بأن الرفع حينئذ أيضا قد استعمل في معناه الحقيقي، وهو إزالة الحكم بعد ثبوته، لأن أدلة الأحكام شاملة بالعموم أو الإطلاق صورة الخطأ والنسيان والاضطرار والإكراه والجهل، فالرفع إنما يتعلق بتلك الأحكام في خصوص تلك الصور، فهو بمعنى إزالة الحكم الثابت بالإرادة الاستعمالية في تلك الموارد، وإن كان بحسب الإرادة الجدية دفعا حقيقة.
كما أن التخصيص إنما يكون تخصيصا بالنسبة إلى الإرادة الاستعمالية الشاملة لمورد التخصيص. وأما بالنظر إلى الإرادة الجدية المقصورة على غيره