الفرق بين رفع الفعل أو الترك، إذ كما أن معنى رفع الوجود في عالم التشريع عبارة عن رفع الأثر المترتب عليه، وخلوه عن الحكم في عالم التشريع، كذلك في رفع العدم، فإن مرجع رفعه إلى رفع الأثر المترتب على هذا العدم الراجع إلى عدم أخذه موضوعا للحكم بالفساد، ووجوب الإعادة مثلا بملاحظة دخل نقيضه، وهو الوجود في الصحة.
وبالجملة: فرق واضح بين قلب الوجود بعدم ذاته وتنزيله منزلته، وبالعكس، وبين قلب أخذه موضوعا للحكم بعدم أخذه في مرحلة تشريع الحكم، وخلو خطاباته عنه. والإشكال المزبور إنما يرد على الأول دون الثاني (1)، انتهى.
هذا، وأنت خبير بعدم تمامية هذا الجواب، إذ ليس معنى رفع هذه الأمور هو رفعها عن موضوعية الحكم المترتب عليها مطلقا، حتى في ناحية رفع الفعل، فإنه لو كان معنى رفع ما اضطروا إليه مثلا هو رفع شرب الخمر الذي حصل الاضطرار إليه عن موضوعية الحكم بالحرمة، الظاهر في حرمته مطلقا لما كان الكلام محتاجا إلى ادعاء ومصحح، كما أتعبوا به أنفسهم، إذ الرفع حينئذ يصير رفعا حقيقيا، لا ادعائيا.
فالإشكال إنما هو بناء على ظاهر الحديث من كون المرفوع هي ذوات هذه الأشياء، وجعلها بمنزلة العدم، والجواب لا ينطبق عليه، كما هو واضح.
والتحقيق في الجواب أن يقال: أما أولا، فلأن العدم المرفوع في الحديث هو العدم المضاف، وهو يمكن اعتباره بنحو ثبت له الثبوت الإضافي، وثانيا: أن تعلق الرفع به يوجب تحققا اعتباريا له، وبهذا الاعتبار يمكن أن يتعلق به،