كون الجائي به فاسقا، وهو يدل على مدخلية ذلك في ترتب المحمول، وإلا لكان ذكره لغوا، كما هو واضح.
هذا، ويرد على الاستدلال بالآية من جهة مفهوم الشرط: أنه - على تقدير تسليم ثبوت المفهوم لمطلق القضايا الشرطية وللآية بالخصوص - أن ما جعل في الآية جزاء لمجئ الفاسق بالنبأ بحسب الظاهر لا يناسب مع الشرط، ولا ارتباط بينهما، فلابد أن يكون الجزاء أمرا آخر محذوفا يدل عليه المذكور.
توضيح ذلك: أن التبين عبارة عن التفحص والتحقيق ليظهر الأمر ويتبين، ومن الواضح أن التبين عند مجئ الفاسق بالخبر لا يوجب العمل بخبر الفاسق، من حيث مجيئه به، بل يكون العمل حينئذ على طبق ما يتبين، بلا مدخلية إتيان الفاسق به.
وبالجملة: فوجوب التبين والعمل على طبقه مما لا ارتباط له بمجئ الفاسق بالخبر، فاللازم أن يكون الجزاء هو عدم الاعتناء بخبره وعدم الاعتماد بقوله، فمنطوق الآية حينئذ عبارة عن أنه لو جاءكم فاسق بنبأ فتوقفوا، ولا ترتبوا عليه الأثر أصلا. وحينئذ فالحكم في المفهوم إنما هو نفي التوقف والإطراح بالكلية، وهو لا يثبت أزيد من ترتيب الأثر على قول العادل في الجملة، الغير المنافي مع اشتراط عدل آخر، كما لا يخفى.
هذا، ويؤيد ما ذكرنا: أن المنقول عن بعض القراء هو " تثبتوا " موضع " تبينوا " (1)، والتثبت التوقف، فتدبر.
هذا كله على تقدير تسليم ثبوت المفهوم للآية، مع أن لنا المنع منه، كما أفاده الشيخ المحقق الأنصاري في " الرسالة "، ومحصله: أن الجزاء هو وجوب