الأول: دعوى انصراف الأدلة عن الإخبار بالواسطة.
الثاني: أنه لابد أن يكون للمخبر به أثر شرعي، حتى يصح بلحاظه التعبد به، وليس للمخبر به في المقام هذا الأثر، فإن المخبر به بخبر الشيخ هو قول المفيد، ولا أثر شرعي لقوله أصلا.
الثالث: دعوى أن الحكم بتصديق العادل مثبت لأصل إخبار الوسائط، مع أن خبرهم يكون موضوعا لهذا الحكم، فلابد وأن يكون الخبر في المرتبة السابقة محرزا بالوجدان أو بالتعبد، ليحكم عليه بوجوب تصديقه، لأن نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة المعروض إلى العرض، فلا يعقل أن يكون الحكم موجد الموضوعة، لاستلزامه الدور المحال.
الرابع: أنه يلزم أن يكون الأثر الذي بلحاظه وجب تصديق العادل نفس تصديقه، من دون أن يكون في البين أثر آخر كان وجوب التصديق بلحاظه، ولا يعقل أن يكون الحكم بوجوب التصديق بلحاظ نفسه.
هذا، والجواب عن الأول: منع الانصراف، ولو قيل بأن العمدة في هذا الباب هو بناء العقلاء على العمل بخبر الواحد، ولابد من إحرازه في الإخبار مع الوسائط، ومن المعلوم عدم إحرازه، لو لم نقل بثبوت عدمه من جهة أنا نرى بالوجدان عدم اعتنائهم بالإخبار مع الوسائط الكثيرة التي بلغت إلى عشرة أو أزيد مثلا. فيشكل الأمر في الأخبار المأثورة عن الأئمة (عليهم السلام)، لاشتمالها على الوسائط الكثيرة بالنسبة إلينا.
فنقول: إن الواسطة في تلك الأخبار قليلة، لأن الواسطة إنما هو بين الشيخ والكليني والصدوق وبين الإمام (عليه السلام)، ومن الواضح قلتها، بحيث لا يتجاوز عن خمس أو ست، وأما الواسطة بيننا وبينهم فلا يحتاج إليها بعد تواتر كتبهم، ووضوح صحة انتسابها إليهم، كما لا يخفى.