التبين عن خبر العادل أيضا، وهو يعارض مع مفهوم الصدر، والتعليل أقوى.
ودعوى: أن النسبة بينهما عموم من وجه، فيتعارضان في مادة الاجتماع، وهي خبر العادل الغير المفيد للعلم، ويجب حينئذ تقديم عموم المفهوم وإدخال مادة الاجتماع فيه، إذ لو خرج عنه، وانحصر مورده بالخبر العادل المفيد للعلم لكان لغوا، لأن خبر الفاسق المفيد للعلم أيضا واجب العمل، بل نقول: إن الخبر المفيد للعلم خارج عن الآية مفهوما ومنطوقا، فيكون المفهوم أخص مطلق من عموم التعليل، فيجب تخصيصه به.
مدفوعة: بأن المدعى إنما هو التعارض بين ظهور التعليل في العموم وظهور الجملة الشرطية في ثبوت المفهوم، وحينئذ فالأخذ بظاهر التعليل أولى من تخصيصه بعد ثبوت المفهوم، خصوصا بعد كونه آبيا عن التخصيص. وبعبارة أخرى: لا ينعقد للآية مفهوم، حتى تعارض مع عموم التعليل (1).
هذا، والحق أن يقال: إن الآية الشريفة لا مجال للاستدلال بها للمقام، فإن المراد بالنبأ ليس مطلق الخبر، بل الخبر العظيم، والنبأ الذي يترتب عليه أمور كثيرة. والدليل عليه - مضافا إلى التعبير بالنبأ لا بالخبر - ملاحظة التعليل، فإن من الواضح أن العمل بخبر الفاسق في غير الأمور العظيمة مما لا يترتب عليه الندامة، فإنه لو أخبر بمجئ زيد فرتب المخاطب آثار المجئ بمجرد إخباره لا يوجب ذلك إصابة القوم بجهالة الموجبة للندامة، ويدل على ذلك ملاحظة مورد نزول الآية أيضا، ومن المعلوم أن في تلك الأمور العظيمة التي يترتب عليها قتل الرجال، وسبي النساء والصبيان، وتصرف الأموال لا يجوز الاكتفاء فيها بخبر العادل أيضا، فالآية الشريفة بعيدة عن المقام بمراحل.