بقول الثقة لم يكن لسانها لسان الحكومة، بحيث كان مفادها هو إلغاء احتمال الخلاف. وقوله (عليه السلام) في بعض الأخبار: " العمري ثقة فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول " (1) لا يدل على الحكومة، لأنه ليس مفادها إلا العمل بقوله، لوثاقته، لا وجوب إلغاء احتمال الخلاف.
وأما ورود السيرة العقلائية على الآيات فممنوعة، لعدم كون العمل بالخبر عندهم من العمل بالعلم، ولو سلم غفلتهم عن احتمال الخلاف فلا يوجب ذلك أيضا تحقق الورود أو التخصيص، فإن موردهما هو الخروج عن الموضوع واقعا، لا عند المخاطب. والفرق بينهما: أن الأول إنما هو مع إعمال التعبد، بخلاف الثاني.
وأما ما أفاد أخيرا من لزوم الدور ففيه - مضافا إلى جريان الدور في المخصصية أيضا، كما لا يخفى - أن توقف الرادعية إنما هو على عدم مخصص حاصل، إذ لا مخصص في البين جزما، لأن النواهي الرادعة حجة في العموم، ولابد من رفع اليد عنها بحجة أقوى، ولا حجية للسيرة بلا إمضاء الشارع، فالرادع رادع فعلا، والسيرة حجة لو أمضاها الشارع، وهو منتف مع هذه المناهي. وبالجملة: فعدم كون السيرة مخصصة للآيات الناهية وإن كان متوقفا على كونها رادعة عنها إلا أن رادعيتها لا تتوقف على شئ.
هذا، ويمكن تقريب الورود بالنسبة إلى أدلة حجية الخبر الواحد بأن يقال: إن العلم الذي نهى عن اتباعه لا يكون المقصود به هو العلم المقابل للظن، بل المراد به هو الحجة، ولو كانت ظنية. فمفاد الآية إنما هو النهي عن اتباع