العوام، فضلا عن العلماء.
ومن العقل: تقبيح العقلاء من يتكلف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده من المولى.
نعم، فرق بين هذا وبين الاحتياط الذي يستقل العقل بحسنه، لأنه فرق بين الالتزام بشئ من قبل المولى على أنه منه، مع عدم العلم بأنه منه، وبين الالتزام بإتيانه لاحتمال كونه منه.
والحاصل: أن المحرم هو العمل بغير العلم متعبدا به ومتدينا به. وأما العمل به من دون تعبد بمقتضاه فهو حسن إن كان لرجاء إدراك الواقع ما لم يعارضه احتياط آخر، ولم يثبت من دليل آخر وجوب العمل على خلافه، كما لو ظن الوجوب، واقتضى الاستصحاب الحرمة (1)، انتهى موضع الحاجة.
أقول: المراد بالإسناد إلى الشارع هو التشريع الذي كان قبحه عقلا وحرمته شرعا مفروغا عنه عندهم، ولكن كلما تأملنا لم نعرف له معنا متصورا معقولا، إذ الالتزام الحقيقي بما يعلم عدم ورود التعبد من الشارع، أو لا يعلم وروده منه مما لا يمكن أن يتحقق، لعدم كون الالتزامات النفسانية تحت اختيار المكلف. نعم، الإسناد إلى الشارع - الذي هو عبارة أخرى عن البدعة - أمر ممكن معقول، قد دل العقل والنقل على خلافه، وأنه أمر قبيح محرم.
وبالجملة: فالتعبد بمقتضى الأمارة الغير العلمية التي لم يرد دليل على اعتبارها إن كان معناه هو العمل بمضمونها بعنوان أنه من الشارع فهو مما لا يعقل، مع عدم العلم بورود التعبد به من الشارع، وإن كان معناه هو إسناد مضمونها إلى الشارع قولا فهو من مصاديق القول بغير العلم الذي يحكم العقل بقبحه قطعا،