تداخل ماهياتها، كما كشف عنه رواية الحقوق، مثل تداخل الإكرام والضيافة فيما إذا قيل: إذا جاء زيد فأكرم عالما، وإن سلم عليك فأضف هاشميا، فعند وجود السببين يمكن الاكتفاء بإكرام العالم الهاشمي على وجه الضيافة، وأين ذلك من تداخل الفردين (1). انتهى ملخصا.
ولا يخفى أن المراد بكون متعلق التكاليف هو الفرد المغاير للفرد الواجب بالسبب الأول إن كان هو الفرد الخارجي، فعدم اجتماع الفردين مسلم لا ريب فيه، إلا أنه لا ينبغي الإشكال في بطلانه، لأن الموجود الخارجي يستحيل أن يتعلق التكليف به بعثا كان أو زجرا، كما قد حققناه سابقا في مبحث اجتماع الأمر والنهي بما لا مزيد عليه، وإن كان المراد هو العنوان الذي يوجب تقييد الطبيعة، فنقول: إن القيود المقسمة للطبيعة على نوعين: نوع تكون النسبة بين القيود التخالف بحيث لا مانع من اجتماعها على شئ واحد، كتقييد الإنسان مثلا بالأبيض والرومي، ونوع تكون النسبة بينها التباين، كتقييده بالأبيض والأسود، ومرجع القول بعدم التداخل إلى استحالة تعلق تكليفين بطبيعة واحدة، ولزوم تقييدها في كل تكليف بقيد يغاير القيد الآخر، وأما لزوم كون التغاير على نحو التباين، فممنوع جدا، بل يستفاد من ورود الدليل على التداخل كون التغاير بنحو التخالف الغير المانع من الاجتماع، فلا يلزم أن يكون ناسخا لحكم السببية، كما أفاده في كلامه.
نعم مع عدم ورود الدليل عليه لا مجال للاعتناء باحتمال كون التغاير بنحو التخالف في مقام الامتثال، لأن التكليف اليقيني يقتضي البراءة اليقينية، ومع الإتيان بوجود واحد لا يحصل اليقين بالبراءة عن التكليفين المعلومين، كما هو واضح.