سبب جعلي لا عقلي ولا عادي، ومعنى السبب الجعلي هو أن لها نحو اقتضاء في نظر الجاعل بحيث لو انقدح في نفوسنا لكنا جازمين بالسببية، إلا أن الإنصاف أنه لا يسمن، فإن معنى جعل السببية ليس إلا مطلوبية المسبب عند وجود السبب، فالتعويل على الوجه الأول (1). انتهى ملخصا.
أقول: المراد بتعدد الاشتغال الحاصل من كل سبب لابد وأن يكون هو الوجوب الجائي عقيبه، وقد عرفت أن تعدد الوجوب لا يستلزم تعدد الواجب، لاحتمال أن يكون الوجوب الثاني تأكيدا للأول، فتعدد الاشتغال بهذا المعنى لا يوجب تعدد المشتغل به.
ثم إن قوله: هذا إن أريد من التأكيد إلى آخره، يرد عليه: أن هذا الفرض خارج عن باب التأكيد، لما قد حقق سابقا في مبحث اجتماع الأمر والنهي من أن متعلق الأحكام هي الطبائع لا الوجودات، فالطبيعة المتعلقة لأحد التحريمين في المثال تغاير الطبيعة المتعلقة للآخر، ضرورة أن أحدهما يتعلق بالإفطار، والآخر بشرب الخمر مثلا، فأين التأكيد؟
ثم إن اعتبار الترتب في تحقق معنى التأكيد - كما عرفت في كلامه - مندفع بأن الوجوب التأكيدي ليس بمعنى استعمال الهيئة - مثلا - في التأكيد حتى يستلزم وجود وجوب قبله بل المستعملة فيه هو نفس الوجوب والتأكيد ينتزع من تعلق أزيد من واحد بشئ واحد.
ألا ترى أنه يتحقق التأكيد بقول: اضرب، والإشارة باليد إليه في آن واحد من دون تقدم وتأخر.
ثم إن الجواب الأخير - الذي ذكر أن الإنصاف أنه لا يسمن - قد جعله