فما ذكره صاحب الكفاية - وتبعه بعض من أجلاء تلامذته (1) - من أن هذه الأقسام إنما هي بلحاظ كيفية تعلق الأحكام، وإلا فالعموم في الجميع بمعنى واحد وهو الشمول، مما لا يصح أصلا، فإن الجمع بين ذلك وبين كون كل واحد منها مدلولا عليه بلفظ غير ما يدل على الآخر - كما اعترف في حاشية الكفاية (2) - مستبعد جدا، فإن دلالة الألفاظ على ما وضعت بإزائها لا يرتبط بباب تعلق الأحكام أصلا، كما هو واضح لا يخفى.
ثم إن هذا التقسيم لا يجري في باب الإطلاق أصلا، ضرورة أن معنى الإطلاق هو مجرد كون المذكور تمام الموضوع لحكمه المجعول بلا مدخلية لشئ آخر، فقوله: جئني برجل، لا يفيد إلا مجرد كون الغرض مترتبا على مجئ الرجل، وأما شموله لجميع ما يصدق عليه والتخيير بينه فهو حكم عقلي مترتب على تعلق الحكم بنفس الطبيعة، لا أنه يستفاد من الكلام هذا النحو من الإطلاق.
والدليل على ذلك أنه لو كان المستفاد من الكلام الإطلاق الذي يسمونه بالإطلاق البدلي، لكان قوله بعد هذا الكلام: " أي رجل " تأكيد الاستفادة مضمونه من قوله: جئني برجل، مع أنه ليس كذلك بداهة، بل إنما هو تصريح بما يحكم به العقل بعد تعلق الحكم بنفس الطبيعة من التخيير بين أفرادها.
ولا يتوهم أنه تصريح بالإطلاق، فإن معنى التصريح به هو أن نقول: إن تمام الموضوع الحكمي هو الرجل مثلا من دون قيد لا أن نقول بما يحكم به العقل بعد استفادة الإطلاق، فتدبر.