منه الرجحان الطارئ بسبب النذر من حيث إنه يوجب تعلق الامر النذري به فيصير راجحا فيرد عليه: انه ينافي ما ذكره سابقا من أن الامر النذري توصلي لا يعتبر في سقوطه الا الاتيان بالمنذور بأي داع كان.
نعم، يتم هذا الوجه بناءا على ما حققناه في محله من أن التعبدية والتوصلية ليستا من صفات الامر والوجوب، بل هو فيهما على نسق واحد وسنخ فارد، وانما هما من صفات الواجب، إذ الغرض منه، تارة يحصل لو أتى به بقصد القربة، وأخرى يحصل لو أتى به بأي داع كان، والأول تعبدي والثاني توصلي، وعليه فسقوط الامر بالوفاء بالنذر في التعبدية والتوصلية تابع للمنذور، فان كان عباديا لا يسقط الا إذا اتى به بقصد القربة، والا فيسقط بأي داع كان، وفى المقام بما ان المنذور يكون الاتيان بهما عبادة، فلا يسقط الامر بالوفاء الا باتيانهما كذلك فتدبر حتى لا تبادر بالاشكال، وبالجملة ان صحة الاحرام قبل الميقات وصحة الصوم في السفر من جهة النذر انما هما من ناحية الروايات الخاصة الدالة على صحتهما كذلك.
وعليه فاما ان يجعل هذه الروايات مخصصة، لما دل على اشتراط صحة النذر برجحان متعلقه، واما ان يكون نذر الاحرام قبل الميقات والصوم في السفر ملازما واقعا لجهة موجبة للرجحان، أو يكون النذر الجامع لشرائط الصحة سوى شرط الرجحان موجبا لرجحان المتعلق، وعلى أي تقدير لا يكون ذلك دليلا على صحة التمسك بأدلة وجوب وفاء بالنذر في مسألة الوضوء مثلا، بل ولا يصلح للتأييد، إذ غاية ما قيل في وجه التأييد احتمال كشف النص الخاص عن صلاحية عموم الوفاء بالنذر، لاقتضاء الصحة ولو في حال النذر، ولكنه كما ترى فان مرجع ما ذكر إلى كشف النص عن أن النذر يوجب قلب حكم العنوان الأولى، ويؤثر في صحة المتعلق بعد فرض العلم بالبطلان قبل النذر، وهذا غير مربوط بما هو محل البحث والكلام من الشك في دخوله في المخصص، وإرادة اثبات صحته بما دل على وجوب الوفاء بالنذر بعد التمسك بعمومه، لا قلب الحكم المترتب على العنوان الأولى.