الثاني: ان الأسباب الشرعية على نوعين: معرفات، ومؤثرات. لا انها على نوع واحد، فتكون كساير الأسباب فالمبنى فاسد.
وفيه: انها ليست معرفات، ولا مؤثرات: فان المؤثر في الحكم هو إرادة الجاعل.
والحق ان يورد على الفخر، بأنه ان أريد بكون العلل الشرعية غير مؤثرات انها لا تكون دخيلة في الحكم كدخل العلة في المعلول، فهو وان كان متينا جدا لما عرفت مرارا من أن الأحكام الشرعية مجعولات اختيارية للشارع، والمؤثر فيها إرادة الشارع فحسب، نعم، حيث إن اللغو لا يصدر من الشارع الحكيم فلا محالة تكون هناك ملاكات، وهي أمور واقعية ولكنها بالنسبة إلى المؤثر في الحكم، من قبيل الدواعي كبقية الدواعي للفعل الاختياري، وعلى أي حال لا تكون العلل مؤثرات، الا انه لا يلازم ذلك كونها معرفات لجواز كونها موضوعات للأحكام الشرعية، فإذا كانت كذلك فحيث ان الشارع جعل تلك الأحكام على موضوعاتها على نحو القضية الحقيقية فلا محالة يتوقف فعلية تلك الأحكام على فعلية موضوعاتها، ولا تنفك ابدا عنها، ولذلك قيل إنها تشبه العلة التامة من هذه الناحية.
وان أريد بذلك كونها معرفات للموضوعات الواقعية، ولا مانع من تعدد المعرف لموضوع واحد واجتماعه عليه، مثلا عنوان الافطار في نهار شهر رمضان المأخوذ موضوعا لوجوب الكفارة، لا يكون بنفسه موضوعا، بل هو معرف لما هو الموضوع له واقعا، فهو وان كان ممكنا، الا انه خلاف ظواهر الأدلة، إذ الظاهر من كل عنوان دخيل في الحكم كونه موضوعا له بنفسه لا بما انه معرف لعنوان آخر، فلا يصح الحمل على كونه معرفا بلا قرينة.
وان أريد بذلك كونها معرفات لملاكاتها الواقعية، فيرده انها ليست بكاشفة عنها بوجه إذ الكاشف عنها اجمالا هو نفس الحكم الشرعي، واما الشرط فلا يكون كاشفا عنها هذا إذا كان المراد من الأسباب الشرعية موضوعات الاحكام وشرائطها، واما لو أريد بها ملاكاتها الواقعية، فالامر أوضح إذ لا معنى لدعوى كونها معرفات.
الخامس: ان محل الكلام في التداخل وعدمه، هو ما إذا كان الشرط قابلا للتعدد،