السببان أو الفردان من سبب واحد، هل هما معا سبب واحد، أو كل منهما سبب لحكم غير ما يكون الاخر سببا له، فالأصل يقتضى التداخل، إذ الحكم الواحد متيقن الثبوت، والشك انما يكون في ثبوت حكم آخر فيرجع فيه إلى البراءة، واما الشك من الناحية الثانية، بعد احراز عدم التداخل من الناحية الأولى، فحيث ان الشك يكون في الامتثال لا في التكليف فيكون المرجع قاعدة الاشتغال فتكون النتيجة عدم التداخل.
ثم انه لا فرق فيما ذكرناه في الموردين بين الحكم التكليفي والوضعي: إذ الشك في حدوث حكم زايدا على المقدار المتيقن ثبوته مورد لأصالة العدم، كما أن الشك في سقوطه بعد احراز الثبوت مورد لأصالة بقاء الحكم وعدم سقوطه.
فما افاده المحقق النائيني (ره) من أنه لا ضابطة كلية لجريان الأصل في موارد الأحكام الوضعية فلا بد من ملاحظة كل مورد بخصوصه والرجوع فيه إلى ما يقتضيه الأصل، لا يمكن المساعدة عليه.
الرابع: ان المنسوب إلى فخر المحققين (ره) ان القول بالتداخل وعدمه يبتنيان على كون الأسباب الشرعية معرفات أو مؤثرات، فعلى الأول لابد من البناء على التداخل إذ يمكن ان تكون أمور متعددة حاكية عن امر واحد، ومع احتمال وحدة السبب الحقيقي لا مجال للبناء على تعدد المسبب، وعلى الثاني لا بد من القول بعدم التداخل إذ مقتضى سببية كل من الأمور المتعددة ان يكون له مسبب مستقل: إذ لو كان هناك مسبب واحد لزم اجتماع العلل المتعددة على معلول واحد.
وأورد عليه المحقق الخراساني (ره) بايرادين:
الأول: انه حيث يمكن ان يكون الأسباب الشرعية على القول بكونها معرفات، حاكيات عن أسباب حقيقية متعددة وظاهر القضايا الشرطية تعدد المسبب بتعدد السبب، فلا محالة تدل الشرطية على تعدد السبب الحقيقي.
وفيه: انه يتم لو كان المراد من المعرفات الكواشف عن حدوث السبب واما لو كان المراد منها الكواشف عن ثبوت السبب أو عن ثبوت الحكم، فلا يتم: إذ مرجع ذلك حينئذ إلى انكار دلالة الشرطية على الحدوث عند الحدوث وانها تدل على مجرد الثبوت.