صرف قدرته لإنقاذه عاجزا عن إنقاذ الآخر، فيحكم العقل برفع فعلية التكليف، أو كونه معذورا حال صرف قدرته في أحدهما عن الآخر، لا أن التكليف بكل واحد منهما مشروط بعدم الآخر.
ولازم ما ذكرنا: أنه مع الإتيان بكل واحد منهما يكون معذورا في ترك الآخر، أو غير مكلف به، وإذا تركهما لا يكون معذورا في واحد منهما، ويكون مكلفا بكل واحد منهما.
وليس هذا تكليفا بالمحال، لأنه غير مكلف بالمجموع، لعدم تعلق التكليف إلا بالمعينات، والمجموع ليس موردا للتكليف، فالمكلف التارك لإنقاذ الابن - من غير صرف القدرة في إنقاذ الأخ - غير معذور في ترك إنقاذه، بل مكلف به، لكونه قادرا عليه، وكذا التارك لإنقاذ الأخ من غير صرف القدرة في إنقاذ الابن، ولا يتعلق التلكيف بمجموعهما حتى يقال: إنه غير قادر عليهما.
وبالجملة: أن العجز عن كل واحد منهما إنما يتحقق بالاشتغال بالآخر، والعجز عن المجموع وإن كان محققا لكنه غير مكلف به، ولا معاقب عليه، بل مكلف بكل واحد، ومعاقب عليه إذا تركهما، وهو قادر على كل واحد منهما.
وأما الترخيص في الترك في الشبهات الوجوبية، فالذي يحكم به العقل أن ترخيص تركهما غير جائز، وأما الآتي بكل واحد فيجوز أن يرخص في ترك الآخر، فيحكم العقل بأن التارك لكل واحد غير مرخص في الآخر، ولازمه أن التارك لهما لا يكون مرخصا في واحد منهما، وإن فرض أنه لو أتى بواحد منهما يكون غير الواجب الواقعي.
وفي الشبهات التحريمية يحكم العقل بأن ترخيص إتيان كل منهما مطلقا غير جائز، دون إتيان كل مع ترك الآخر، ولازمه أنه مع الإتيان بهما لا يكون مرخصا في شئ