لان أصالة الحل إنما تفيد الترخيص الفعلي بمعنى عدم العقاب عليه على تقدير حرمته واقعا.
وجواز الصلاة ليس مترتبا على الحلية الفعلية، بل على حلية لحم الحيوان بطبعه، فإنه إذا اضطر انسان إلى أكل لحم الأسد مثلا يحل له أكله. ومع ذلك لا تجوز الصلاة في جلده يقينا، وإذا كان لحم الغنم حراما على أحد فعلا لكونه مضرا له لا تكون هذه الحرمة موجبة لعدم جواز الصلاة في جلده. نعم لو كان حيوان مما حل لحمه بطبعه، وشك في بقاء حليته للشك في عروض ما يوجب حرمته كالجلل ووطء الانسان، فيجري فيه استصحاب عدم عروض ما يوجب حرمته ويحكم ببقاء حليته الأصلية، ويترتب عليه جواز الصلاة في جلده أيضا.
وأما إن لم يكن الشك في مورد أحد الاستصحابين مسببا عن الشك في المورد الاخر، بل كان التنافي بينهما للعلم الاجمالي بعدم مطابقة أحدهما للواقع، فكون أحدهما مطابقا للواقع يوجب مخالفة الاخر للواقع، فهو على قسمين:
(أحدهما) - ما تلزم - من اجراء الاستصحاب في الطرفين - المخالفة العملية القطعية، كما إذا علمنا بطهارة إناءين ثم علمنا بطرو النجاسة على أحدهما إجمالا، فان إجراء استصحاب الطهارة - في كلا الإناءين - موجب للمخالفة العملية القطعية، ففي مثل ذلك يسقط كلا الاستصحابين عن الحجية ولا يمكن التمسك بواحد منهما، لعين ما ذكرناه من الوجه في عدم جريان البراءة في أطراف العلم الاجمالي، فان إجراء الاستصحاب في كلا الطرفين موجب للمخالفة القطعية والترخيص في المعصية وهو قبيح.
وجريانه - في أحدهما المعين - ترجيح بلا مرجح. وفى أحدهما المخير يحتاج إلى دليل، وإن كان المحذور العقلي منتفيا.
(ثانيهما) - ما لا تلزم فيه - من إجراء الاستصحاب في الطرفين - مخالفة عملية وتلزم المخالفة الالتزامية فقط، وهو العلم بمخالفة أحد الاستصحابين للواقع، كما إذا