في أن تقدمه عليها من باب الحكومة. ووجهه يظهر مما تقدم، ولا سيما مع كونه من الامارات في الحقيقة.
(المرحلة الثالثة) - في تعارض الاستصحابين. وقبل التعرض لحكم تعارض الاستصحابين لابد من التنبيه على امر قد تقدم ذكره في بحث الترتب، وهو:
ان تنافي الحكمين (تارة) يكون في مقام الجعل، وهو على قسمين (أحدهما) - ان يكون التنافي بينهما ذاتيا بحيث يلزم من جعلهما اجتماع النقيضين أو الضدين، كما إذا دار الامر بين وجوب شئ وعدم وجوبه، أو بين وجوب شئ وحرمته. (ثانيهما) - أن يكون التنافي بينهما عرضيا، كما في دوران الامر بين وجوب الظهر والجمعة، إذ لا منافاة بين وجوب الظهر ووجوب الجمعة ذاتا بحيث يلزم من اجتماعهما محذور اجتماع النقيضين أو الضدين، إلا أنه بعد العلم الاجمالي بعدم جعل أحدهما، يكون جعل أحدهما منافيا لجعل الاخر، ولذا يسمى بالتنافي العرضي. والحكم في كليهما الرجوع إلى المرجحات السندية. وسيأتي الكلام فيها في مبحث التعادل والترجيح إن شاء الله تعالى. و (أخرى) يكون التنافي بين الحكمين في مقام الامتثال لعدم قدرة المكلف على امتثالهما، والحكم فيه وجوب الاخذ بالأهم، أو بما لا بدل له، أو ما أخذت فيه القدرة العقلية، وترك ما أخذت فيه القدرة الشرعية على ما يأتي أيضا في مبحث التعادل والترجيح إن شاء الله تعالى.
إذا عرفت ذلك، فاعلم أن التنافي بين الاستصحابين أيضا قد يكون بحسب مقام الجعل وقد يكون بحسب مقام الامتثال، فان كان التنافي بينهما في مقام الامتثال لعجز المكلف عن العمل بكليهما، كما إذا شك في بقاء نجاسة المسجد وارتفاعها بالمطر مثلا - مع الشك في اتيان الصلاة وهو في الوقت - فالحكم فيه ما تقدم من الاخذ بالأهم وبغيره من الأمور المذكورة. وقد يتوهم عدم جواز الاخذ بالأهم وبغيره من الأمور المذكورة في المقام،