علمنا بنجاسة إناءين تفصيلا ثم علمنا بطهارة أحدهما اجمالا، فإنه لا تلزم - من إجراء استصحاب النجاسة في كليهما والاجتناب عنهما مخالفة عملية، ففي مثل ذلك ذهب الشيخ (ره) إلى عدم جريان الاستصحاب فيهما، وتبعه المحقق النائيني (ره) واختار صاحب الكفاية (ره) جريان الاستصحاب فيهما، لوجود المقتضي وهو شمول أدلة الاستصحاب، وعدم المانع وهو لزوم المخالفة العملية. ولا تظهر ثمرة بين القولين في نفس الإناءين، لوجوب الاجتناب عنهما على كلا القولين. أما على مختار الشيخ (ره) فللعلم الاجمالي بالنجاسة. وأما على مختار صاحب الكفاية (ره) فلاستصحابها. وإنما تظهر الثمرة بينهما في الملاقي لاحد الإناءين، إذ يحكم بنجاسته على مسلك صاحب الكفاية، فإنه بعد الحكم بنجاسته بالتعبد يحكم بنجاسة الملاقي أيضا، بخلاف مسلك الشيخ (ره) فان الملاقي لبعض أطراف العلم الاجمالي لا يكون محكوما بالنجاسة على ما تقدم ذكره.
ولأجل هذه الثمرة لابد من تحقيق المقام والتكلم في جريان الاستصحاب وعدمه، فنقول: استدل الشيخ (ره) لعدم جريان الاستصحاب باجمال دليل الاستصحاب بالنسبة إلى المقام، بتقريب أن مقتضى اطلاق الشك في قوله (ع): " لا تنقض اليقين بالشك " هو شموله للشك المقرون بالعلم الاجمالي وجريان الاستصحاب في الطرفين.
ومقتضى إطلاق اليقين في قوله (ع): " ولكن تنقضه بيقين آخر " هو شموله للعلم الاجمالي وعدم جريان الاستصحاب في أحدهما. ولا يمكن الاخذ بكلا الاطلاقين، لان مقتضى الاطلاق الأول هو الايجاب الكلي وجريان الاستصحاب في الطرفين، ومقتضى الاطلاق الثاني هو السلب الجزئي وعدم جريانه في أحدهما. ولا خفاء في مناقضة السلب الجزئي مع الايجاب الكلي، ولا قرينة على تعيين الاخذ بأحدهما، فالدليل يكون مجملا من هذه الجهة، فلا يمكن التمسك به لجريان الاستصحاب في المقام.
وفيه (أولا) - أن الظاهر كون المراد من اليقين في قوله (ع):