- الخمر حرام - إثبات الحرمة على تقدير وجود الخمر. وأما كون هذا المائع خمرا أو ليس بخمر، فهو أمر خارج عن مدلول الكلام. وحيث أن دليل الحاكم شأنه التصرف في الموضوع، فلا منافاة بينه وبين الدليل المحكوم الدال على ثبوت الحكم على تقدير وجود الموضوع، فلا منافاة بين الدليل الدال على حرمة الخمر والدليل الدال على أن هذا المائع ليس بخمر. وكذا لا منافاة بين قوله تعالى: " وحرم الربا " وبين قوله (ع):
" لا ربا بين الوالد والولد " إذ مفاد الأول ثبوت الحرمة على تقدير وجود الربا.
ومفاد الثاني عدم وجوده. وبعد انتفاء الربا بينهما بالتعبد الشرعي تنتفي الحرمة لا محالة.
وكذا لا منافاة بين أدلة الاستصحاب والامارة القائمة على ارتفاع الحالة السابقة، فان مفاد أدلة الاستصحاب هو الحكم بالبقاء على تقدير وجود الشك فيه. ومفاد الامارة هو الارتفاع وعدم البقاء. وبعد ثبوت الارتفاع بالتعبد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب. ولا فرق في عدم جريان الاستصحاب مع قيام الامارة بين كونها قائمة على ارتفاع الحالة السابقة أو على بقائها، إذ بعد ارتفاع الشك بالتعبد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب في الصورتين، فكما لا مجال لجريان استصحاب النجاسة بعد قيام البينة على الطهارة، فكذا لا مجال لجريانه بعد قيام البينة على بقاء النجاسة. وظهر بما ذكرناه فساد ما في الكفاية من أن لازم القول - بكون تقديم الامارات على الاستصحاب من باب الحكومة - جريان الاستصحاب فيما إذا قامت الامارة على بقاء الحالة السابقة.
وقد يتوهم أن كون الامارة حاكمة على الاستصحاب إنما يصح على المسلك المعروف في الفرق بين الامارات والأصول من أنه قد أخذ في موضوعها الشك، بخلاف الامارة، فان أدلتها مطلقة، فان الامارة مزيلة للشك بالتعبد الشرعي، فينتفي موضوع الاستصحاب. والاستصحاب لا يوجب ارتفاع موضوع الامارة،