القول بكونها من الامارات، فإنه لا يجب الوضوء حينئذ للصلاة الآتية أيضا، إذ لازم صحة الصلاة المأتي بها كونها متطهرا - مدفوع بما ذكرناه في بحث الأصل المثبت من أنه لافرق بين الامارات والأصول من هذه الجهة أصلا، ولا حجية لمثبتات الامارات أيضا إلا في باب الألفاظ، لاستقرار سيرة العقلاء على الاخذ باللوازم في الاقرار ونحوه من الألفاظ، لا لما ذكره صاحب الكفاية (ره) من أن الاخبار عن الملزوم إخبار عن اللازم، لما ذكرناه سابقا من أن الاخبار من العناوين القصدية، فلا يكون الاخبار عن الملزوم إخبارا عن اللازم إلا مع العلم بالملازمة والالتفات إليها. فالمتحصل مما ذكرناه في المقام أنه لا ثمرة بين القول بكون القاعدة من الأصول، والقول بكونها من الامارات.
(الجهة الثالثة) - في أن مورد بعض النصوص الواردة في قاعدة الفراغ - وإن كان هو الطهارات والصلاة - إلا أنه نتعدى عنها، لامرين: (الأول) - العموم الوارد في موثقة ابن بكير من قوله (ع): " كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو ". (الثاني) - عموم التعليل في بعض الاخبار كقوله (ع):
" هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك " وكقوله (ع): " وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك " فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ في الطواف وغيره، بل لا مانع من جريانها في العقود والايقاعات، بل في المعاملات بالمعنى الأعم الشامل للعقود والايقاعات وغيرهما كالتطهير من الخبث. فتجري قاعدة الفراغ في الجميع بمقتضى عموم الدليل على ما ذكرناه.
هذا كله في قاعدة الفراغ. وأما قاعدة التجاوز، فقد وقع الكلام بين الاعلام في أنها مختصة بباب الصلاة، أو أنها من القواعد العامة، ولا اختصاص لها بالصلاة؟
فذكر شيخنا الأنصاري وجماعة من الفقهاء أنها من القواعد العامة، إلا أنه قد خرج