فالتحقيق: أن هذا الاشكال لا دافع له، وأن استصحاب عدم النسخ مما لا أساس له، فان كان لدليل الحكم عموم أو اطلاق يستفاد منه استمرار الحكم، فهو المتبع، وإلا فان دل دليل من الخارج على استمرار الحكم كقوله (ع):
" حلال محمد صلى الله عليه وآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة " فيؤخذ به، وإلا فلا يمكن اثبات الاستمرار باستصحاب عدم النسخ. فما ذكره المحدث الاسترآبادي - من أن استصحاب عدم النسخ من الضروريات - إن كان مراده الاستصحاب المصطلح، فهو غير تام، وان كان مراده نتيجة الاستصحاب ولو من جهة الأدلة الدالة على الاستمرار، فهو خارج عن محل الكلام.
و (أما الاشكال الثاني) على استصحاب عدم النسخ المختص باستصحاب احكام الشرائع السابقة، فهو ما ذكره المحقق النائيني (ره). وحاصله أن تبدل الشريعة السابقة بالشريعة اللاحقة إن كان بمعنى نسخ جميع أحكام الشريعة السابقة - بحيث لو كان حكم في الشريعة اللاحقة موافقا لما في الشريعة السابقة. لكان الحكم المجعول في الشريعة اللاحقة مماثلا للحكم المجعول في الشريعة السابقة لا بقاء له - فيكون مثل إباحة شرب الماء الذي هو ثابت في جميع الشرائع مجعولا في كل شريعة مستقلا، غاية الامر أنها أحكام متماثلة، فعدم جريان الاستصحاب عند الشك في النسخ واضح، للقطع بارتفاع جميع أحكام الشريعة السابقة، فلا يبقى مجال للاستصحاب. نعم يحتمل أن يكون المجعول في الشريعة اللاحقة مماثلا للمجعول في الشريعة السابقة، كما يحتمل أن يكون مخالفا له. وكيف كان لا يحتمل بقاء الحكم الأول، وإن كان تبدل الشريعة بمعنى نسخ بعض أحكامها لا جميعها، فبقاء الحكم الذي كان في الشريعة السابقة وإن كان محتملا، إلا أنه يحتاج إلى الامضاء في الشريعة اللاحقة، ولا يمكن اثبات الامضاء باستصحاب عدم النسخ إلا على القول بالأصل المثبت.